الوطن الثائر - حامد حسن معروف

وطن درجتُ عليه منذ المولد
أنا لا ألامُ إذا نذرتُ له غدي
وطن وهبت له، وللجيشِ الذي
يحميه كل غدي، وما ملكت يدي
وطني عشقتُك ثائراً، متمرداً
وأنا ابن هذا الثائر المتمردِ
سلسلتُ حبّك خمرةً، وأدرتها
للمترف الريان، والعَطِشِ الصدي
علّمتني الحبّ الذي نادى به
عیسی، وكان شعار آل محمدِ
لاشيء غير الحب مكتوب على
باب الكنيسة، أو جدار المسجدِ
ياجمرة الحب الوهيجة في دمي
لاتخمدي، لاتخمدي، لاتخمدي
تشرين حطم عنجهيّة طامع
فينا، وذلّل كبرياء المعتدي
عوذوا بصانعه إذا الزمن اعتدى
وأنا الضمين بأنه لايعتدي .!!
وافيتُه عَجِلاً يكاد يطير بي
لهف التقيّ إلى عناق المعبدِ !!
عمّدت شعري باللظى، وغمستُه
بالطيب مسفوحاً، وبالشفق الندي
وخضبتُه بدم الأصيل، وعطره
وعصرتُ ثغر المشرق المتورّدِ
وسكبتُ من شهقات عندلة الضحى
نغمي، ومن صلوات كل مغرِّدِ
وحملته زلفى إلى "+*٪؜#}[" الذي
أعطى، ويعطي ألف تشرين الغدِ
ووقفتُ أسخر من يدي، وجنونها
كيف اشرأبت لاقتطاف الفرقدِ
والنجم أبعد مایکون إذا رأت
بعض العيون خياله في المرصدِ
الليل يا لبنان طال، ولم يُنر
فهل العذاب -عذاب شعبك- سرمدي
شاؤوك منقسم النوازع والهوى
والشام لاترضاك غير موحَّدِ
يتوعّدون !! وكبرياؤك لم تزل
يا شام ساخرة من المتوعّدِ
في الساح -ملء الساح- جيش عقيدة
من كل متّقد العزیمة أصيدِ
الغار معقود على قسماتهم
وعلى مفارق غيرهم لم يعقدِ
ولهم مع النصر المؤزر موعد
ولهم -إذا رغبوا- استباق الموعدِ
لم تنطفيءْ جمرات موقد حاقد
بل ظل ينفخ في رماد الموقدِ
ومن الطبيعة أن تقوم عداوة
بين الصباح، وبين عين الأرمدِ
الشعر دفاق البیان، کأنما
جمعوا ليوم عكاظ يوم المربدِ
وعلى الرفارف والأرائك بدعة
منهن تتّشح الصباح، وترتدي
تهتزّ من شعري، وأيّ خميلة
نزل الربيع بها، ولم تتأوّدِ
أخصبن جفني بالرؤى، وجعلن لي
من ناعس الأجفان حظّ المَرودِ !
يغفو على دفء الأنامل غارقاً
بالعطر، أو متمرغاً بالإثمدِ !!
والشعر درب الحب، لكن بابه
للرزق أضيق من عيون الحسَّدِ !!
ياعابر الدنيا، ولم يدنس، كما
عبر اليقين على ضمير الملحدِ
يا أيها الصوفيُّ يحسب نفسه
لم تتّحدْ بالله ما لم يزهدِ
شعري، وجيّده إليك، وأنت في
علياء قدرك فوق فوقِ الجيّدِ
لك في المشاعر ألف ألف قصيدة
سکرت بها الدنيا، وإن لم تُنشد
سجدت لك الدنيا على غُلَوائها
والدهر والتاريخ بين السُّجَّدِ
© 2024 - موقع الشعر