رفيق الصبا و الشباب - حامد حسن معروف

عَبَر الحياةَ - وما أمرَّ وأصعبا-
روحاً محلَّقةً ، وجسماً مُتعبا
 
قلبي وقلبُكَ صابئانِ عقيدةً
لولا العروبةُ ما صبوتُ ، ولا صَبا
 
جُرحي وجُرحُكَ نازفانِ، ومنْ رأى
لهبَ الجراح يقولُ : لن تتندَّبا !!
 
بين الجفونِ وبين طيفكَ موعدٌ
فأنا له أطوي الدُّجا مُترقِّبا
 
ولهيبُ عاطفةٍ إذا اتَّقدَ الأسى
فيها، ومرَّ بها الغدیرُ تَلهبَّا
 
شیّعتُ أحلامَ الصِّبا، ولقيتُ ما
لقي اللِّداتُ بهِ ، وعشتُ مُعذَّبا
 
وطفِقتُ أخبطُ في الدُّروبِ مُشرِّقاً
حیناً - تخادعُني المُنى - ومُغرِّبا
 
لو قيلَ : بعضُ الأمنياتِ معلَّقٌ
في النَّجمِ ، طِرتُ إلى النجومِ مُنَقِّبا
 
لم يخب بين أضالعي وهجُ الأسى
فإذا نفختُ بهِ توقَّدَ ما خَبا
 
هذي قبورُ بني أبي نزل الضُّحى
فيها، وخضَّبَ وجههُ ، وتتطيَّبا
 
في كلِّ رابيةٍ، وكلِّ مُطلَّةٍ
من هذهِ الدُّنيا زَرَعنا كوكبا
 
(عبدَ الحميدِ) وذكرياتُك لم تزلْ
عندي أحبَّ من النعيمِ ، وأطيبا
 
نزلتْ على ظمأِ الضَّميرِ سحابةً
فإذا مضت ظميءَ الضَّميرُ، وأجدبا
 
بالأمسِ غادرنا الرَّبيعُ ، وكنت في
ركب الرَّبيع مُشيَّعاً ، ومُغيَّبا
 
فسل (الدُّريكيشَ) الحبيبةَ والرُّبى
هل نیسنتْ من بعدِ ما ارتحلَ الرُّبى ؟
 
بلدٌ إذا نزلَ المُدبُّ على العصا
فيها، تعودُ له الشَّبيبةُ والصَّبا
 
بلدُ الوشاحِ السندسيِّ، وكلَّما
طلعَ الصَّباحُ على الوشاح ِ تخَضَّبا
 
وبنيتُ فيها للخيال مظلَّةً
ومُطلَّتين على الطَّريقِ، وملعبا
 
نشر الصَّباحُ من اللُّجينِ غلالةً
فيها، وعصفرها الأصيلُ، وذهَّبا
 
وعلى الذُّرى العطراتِ عندلةُ الضُّحى
وعلى السُّفوحِ الفيحِ هينمةَ الصَّبا
 
ما أطيب السُّمرَ الشَّهيَّ بها إذا
حليَ النَّديُّ ، وما أرقَّ ، و أعذبا
 
عرفت (أبا المحفوظ) خيرَ مُؤدَّبٍ
صقلَ النُّفوسَ، وزانهنَّ، وهذّبا
 
يبني الشبَّابَ طليعةً فطليعةً
يمشي الزَّمانُ بها مُدلا، مُعجَبا
 
في كلِّ عامٍ من صنيعك موكبٌ
يمضي لتُطلعَ بعد عامٍ موکِبا
 
خفَّ الحنينُ بهم إليكَ، فمنْكِبٌ
في كلِّ منعطفٍ يزاحمُ مَنكبَا
 
وأدرتَ خمرَ الذِّكرياتِ عليهمُ
ومن الوفا لك أن تُدارَ، ونشربا
 
وتبرَّجتْ لك، والسِّياسةُ عادةٌ
حملت لمن عَلِقَتهُ قلباً قُلَّبَا
 
ولقد عرفتكَ في السِّياسةِ زاهداً
ما كنتَ حزبيّاً ، ولا متحَزِّبا
© 2024 - موقع الشعر