جلوتك في منضرة المعاني - حامد حسن معروف

جلوتُكَ في الرؤى طيفاً حبيبا
يفيض على الضُحى ألقاً وطيبا
 
نزلت مع الخيال علی ضميري
فكنت على سريرته رقیبا
 
فرفَّ علی فمي نغماً وجيعاً
وفي كبدي -إذا هدأتُ- وجيبا
 
وعشُ في أضلعي حُرقاً، ودمعاً
على جفنيَّ متقداً خضیباً
 
وكنْ في الذِّكرياتِ هوىً ملحّاً
يظلُّ -على براءتهِ- مُذيبا
 
أنُنزلكَ التراب ولو عدلنا
أبحناك المحاجرَ والقلوبا؟
 
رضيتُ لك الضَّريح جوارَ قلبي
لتسكن مهجتي ساحاً رحیبا
 
إذا دعت العروبةُ في العوادي
بنیها کنت أوّلنا مُجيبا
 
أتيناها على عجلٍ، وقومٌ
أتوا من بعدنا درجوا دبيبا
 
تذودُ عن القضيَّة غير وان
وتمنحُها شبابك والمشيبا
 
طلعتَ على دجنتها مناراً
وقمتَ على منابرها خطیبا
 
ولمْ تنعم برِّيقةِ التَّصابي
فكيفَ؟ وكنتَ تحملها صليبا
 
مُنانا لو ترفُّ على الصحاري
لحالَ الرملُ مخضلاً خصیبا
 
وكنَّا نشرب الشَّفق المندَّى
مصابحةً فيسكرُنا مغیبا
 
لنا زهوُ الشَّباب فإنْ أبانا
مهرْنا غانياتِ المجدِ شيبا
 
وقلبٌ لا تعطِّرهُ الأماني
ولو نيْسنتُه يبقى جديبا
 
أليسَ الحسنُ آونةً رحيماً
يطالعُنا، وآونةً غضوبا؟
 
و أنهبك الجمالَ وكلَّ كنزٍ
وكان الشعرُ أوفرها نصيبا
 
تباركَ من يلوِّنه، وأعطى
خيالَك من تفنُّنه ضُروبا
 
أواناً رحت تغدقُهُ ندياً
وحيناً رحت تسكبُهُ لهیبا
 
وكان شبابُنا دنیا عطایا
فصارَ كبعضِ أوطاني سليبا
 
نزلناهُ فأوسعنا جراحاً
وقلَّدنا -على کبر- نُدوبا
 
وما عتبي علی زمن . ولكنْ
علی وطنٍ أضاعك عندلیبا
 
فيا وطنَ الأبيِّ إلامَ يبقى
نجيُّك لائعَ الشَّكوى، غريبا ؟
© 2024 - موقع الشعر