حنانك لا تحرقني ملاماً - حامد حسن معروف

خَبا ألقُ "المحمَّدِ" أم تواری؟
وجاوزَ راحلاً سكناً و دارا
 
تباركَ أصغراهُ، وكانَ يهدي
بنورهِما إلی الهدفِ الحيارَى
 
ويُمعنُ بالنَّثيرِ، وفي القوافي
نُزوعاً للحقيقةِ، وابتكارا
 
بیانٌ کالضُّحى ألقاً وطيباً
وكالرَّوضِ اخضلالاً واخضرارا
 
غنيٌّ بالسُّلافِ اذا نشقْنا
أريجَ عبيرِه رُحنا سُكارى
 
أتنعمُ هانئاً حرَّاً طليقاً
وأبقى یا "محمَّدُ" في الأسارى؟؟
 
فكيفَ تظلُّ آمالي يتامَى؟
وأحلامي -علی کِبَرِي- عذارى؟؟
 
طوتْ بُرْدَ الشَّبيبةِ واستردَّتْ
شباباً كنتُ ألبسُه مُعارا..
 
عرفتُكَ تسكبُ الأدبَ المصفَّى
حکیماً يوسعُ الزَّمنَ اختيارا
 
أرى لغةً تفجِّرُها بیاناً
أبتْ لكَ يا "محمَّدُ" أن تُجارى
 
تذودُ عن العروبةِ كيدَ قومٍ
وما كانت لهم إلَّا شِعارا
 
إذا وافيتها، والقدسُ ساحٌ
فقدْ وفَّيتَ حجَّاً واعتمارا
 
نغارُ إذا هوى نجمٌ عشيقٌ
علی بردى، وما زلنا غَيارى
 
منحناها قصارى کل وجدٍ
ونعذرُ كلَّ من بذلَ القُصارَى
 
وأطلعكَ الجهادُ وقد ضفرْنا
عليك التَّاج زيتوناً وغارا
 
وما ارتشفَ السُّلافةَ مطمئنَّاً
سوى من أشبعَ الكرمَ اعتصارا
 
حنانَك لا تحرِّقني ملاماً
وجئْتُكَ أسفحُ الشِّعرَ اعتذارا
 
وفي الشُّعراءِ من ولدوا كباراً
ومن شاخوا، وما برحوا صغارا
 
خيالُكَ مترفٌ لو رفَّ يوماً
على الصَّحراءِ نيسَنت الصَّحارى
 
لكَ الخطواتُ في طُرقِ المعالي
وما انكفأتْ، ولا انحرفتْ مسارا
 
رأيتُ خطيئةَ التَّاريخ كُبرى
كفى خطأً به، وكفاهُ عارا!
 
أقامَ الجهلُ والجهلاءُ بيني
و بينَك يا ابنَ والدتي جدارا
 
ونمعنُ جاهدين -وهم عماةٌ-
لنزرعَ في عيونهمُ النَّهارا
 
متى نتخيَّرُ النُّعمى کراماً؟
وهلْ تركَ الصِّغارُ لنا خيارا؟
 
ويا ربِّي عصُوكَ فلا تزدْهمْ
على عصیانهم إلَّا خَسارا ..
 
أزفُّ إليكِ عاطفتي وشعري
لأنَّ الحُوْرَ تعشقُه حوارا
 
وكنتَ نجيَّهُنَّ وأنت فينا
فكيفَ، وقد نزلتَ بهنَّ جارا؟
 
وهذا الشِّعرُ أوقدُ شعلتيهِ
بجانحتيَّ ، عاصفةً ونارا ..
 
تساوى عند سامعهِ، وعندي
إذا كنتُ المثيرَ، أو المُثارا
 
تصبَّاني، تعبَّدني مراراً
وأهجرُهُ، وألعنُه مرارا ..
 
أضمُّ به الحياةَ على غِناها
ويجعلُ نومَ أجفاني غِرارا
 
فشيَّعتُ الرُّقادَ، بلا صلاةٍ
وأين له وقد ماتَ انتحارا؟
 
نجيُّكَ في النَّديِّ أتی لهيفا
لينشقَ من ربی نجدٍ عَرارا
 
وأمسكتِ المدامعَ مقلتاهُ
فدلَّل كبرياءَ هُما وداری
 
وطيفُك يا "محمَّدُ" كانَ أوفى
عشيَّةَ عادني، وغداةَ زارا
 
وأثكلَ ساحرَ النَّغماتِ لمَّا
أطاركَ من خمائِلنا هزارا
© 2024 - موقع الشعر