صلَّى الإله على ثراك - حامد حسن معروف

صلَّى الالهُ على ثراكَ فقيدا
متوسِّداً بعدَ الحريرِ صعیدا
 
قبَّلتُهُ خضِلَ الجنابِ مموَّجاً
بهجاً و قبَّلهُ الصَّباح ورودا
 
یا أبلجَ القسماتِ یا "ابنَ محمَّدٍ"
يا أكرمَ النَّفرِ القليلِ عديدا
 
شیَّعتُ يومَ نواكَ أكرم راحلٍ
عندي وأوفى العالمينَ عهودا
 
و يداً لدفعِ النَّائباتِ وطالما
مطرت فأخجلتِ الغمامةَ جودا
 
ولطائفاً عُذبْت إذا أرسلتها
نصتَ الزَّمانُ لها وأتلعَ جيدا
 
وقصار أيامٍ كحاليةِ الرُّؤى
يا ليتَ كانَ زمانهنَّ مديدا
 
روحٌ تنكّر للحياة وملَّها
في القيدِ فاطرحَ الحياةَ قيودا
 
عطفتُ تناجي الموتَ خلا نافراً
فحنا يزفُّكَ للخلودِ نشیدا
 
يحنو النَّعيمُ على لطيفةِ "أحمدٍ"
فكأنَّما حضنَ الخلودُ خلودا
 
سلسلتُ شعري في رثائِك آهةً
وأذبتُ عاطفةَ الوفاءِ قصيدا
 
نجوى أرقُّ من النَّسيمِ وخاطرٌ
ما زال يبعثهُ الخيالُ شرودا
 
رفَّتْ بجفني ذكرياتُكَ عبرةً
وسكنَّ حانيةَ الضُّلوعِ وقيدا
 
وألمَّ بي طيفُ الكرى فطردتُه
عن مقلتيَّ ولا يزالُ طريدا
 
ولويتُ ألتمسُ العزاءَ فخانني
حسبُ العزاءِ خيانةً و صُدودا
 
قوَّمتَ نهجي في الشَّبابِ وطالما
علَّلتني جرعَ الحنانِ وليدا
 
فأنا الشَّهيدُ وما دُفِنتُ وإنَّما
صدع الأسی کبدي فماتَ شهيدا
 
أبلى الفراقُ جديدَ ثوبِ تصبُّري
ولبستُ ثوبَ الواجدینَ جدیدا
 
يا قلبُ حسبُكَ من وعودِك والمنی
خُدعاً وحسبك يا زمانُ وعيدا
 
وجراحُ جانحتيك داميةٌ ولو
عصرَ الأسى كبدي لسالَ صديدا
 
أمقطِّعَ اليومِ الضَّحوكِ تعبُّداً
ومقطِّعَ الَّليلِ الطَّويلِ ورودا
 
تتعشَّقُ الأسماعُ رجعَ ورودهِ
فكأنَّ في محرابِه "داوودا"
 
أبقيتَ "إبراهيم" أنضرَ مأملٍ
فينا وأنصرنا يداً ووعودا
 
عشِقَ العُلى طفلاً وما علِق العلی
قلبُ امريءٍ إلَّا و باتَ عمیدا
 
يا ابنَ الغطارفةِ الأوائلِ أحرزوا
مجداً تأثَّلَ طارفاً وتليدا
 
المُسبغينَ على العُفاةِ نعيمَهمْ
و الأسبقينَ الأكرمينَ جدودا
 
لأبيكَ عندي مِنَّةٌ مشكورةٌ
ما كنتُ يوماً للنعيمِ جَحُودا
 
اللهُ يشهدُ ما "لأحمدَ" من يدٍ
عندي وحسبكَ بالإلهِ شهيدا!!
© 2024 - موقع الشعر