المبدعون و الحياة - حامد حسن معروف

جراحُك توسعُ الكبدَ اعتلالا
أبَيْنَ -على توجُّعها- اندِمالا
 
أيوسفَ: والرَّدى قدرٌ غشومٌ
وموتُك كانَ أوجعهُ مثالا
 
غداة توقّد الجولانُ سفحاً
ورابيةً، وماجَ لظىً، وسالا
 
علَوتَ العُصمَ، والقمَمُ العذارى
محرَّمةٌ على الهِمَمِ الکسالی
 
تحدَّيتَ الردى حِمَماً وناراً
فراوغَ منكَ في الجُلّى نزالا
 
وجاءكَ في الأريكةِ مطمئنّاً
وفي الشُّرُفاتِ خاتَلَكَ اختتالا
 
وظلَّ الأمرُ مُلتبساً خفيّاً
أيبقى في فم الدُّنيا سؤالا ؟
 
سيبقى في النُّفوسِ مريرَ ذكرى
تضيقُ به افتراضاً ، واحتمالا
 
رأيتُ الأمرَ أفجعَ ، وهو سرٌّ
وأوجع قصةً : قيلا، وقالا
 
وفي الشُّهداءِ من سقطوا صراعاً
على الجُلَّى، ومن سقط اغتيالا
 
وكلُّ المبدعينَ إذا ألمُّوا
بنا، عبروا على الدُّنيا عُجالى
 
إذا ركبَ الرِّياحَ الهُوجَ نَسْرٌ
تضيقُ بعزمهِ الدُّنيا مجالا
 
تقاصرَ عن خفيّ الموتِ ظنّي
وعزّ على المداركِ ، واستحالا
 
إذا آمنتُ قالَ العقلُ : کلا
وإنْ أنكرتُ قالَ الدِّينُ : لا .. لا
 
وقيل: مظاهرُ الإيمانِ شتی
فقلت: العقلُ أكثرُها ضلالا
 
سلكتُ إلى الحقيقةِ كلَّ دربٍ
وكان الجهلُ أيسرها منالا
 
زرعتُ العمرَ إيماناً وشکّاً
فكان الشَّكُّ أوفرها غلالا
 
إذا آمنتُ، قال العقلُ : كلا
وإن أنكرت، قال الدِّينُ : لا لا
 
حملتُ إليكَ آلامَ اليتامی
وسقتُ إليكَ أوجاعَ الثَّكالى
 
سفحتُ علی خضیبِ ثراكَ دمعي
لأشبعَ ظاميءَ الجدَث اخضلالا
 
وأحضُنهُ ، وأيُّ أخ ٍ وفيّ ٍ
يُلامُ إذا .. إذا احتضنَ الرمالا ؟؟
 
أذبتُ على ثرى الشُّهداءِ قلبي
فرفَّ على قبورهمُ ظِلالا
 
وشعراً ضرَّجَ الدُّنيا لهيباً
وجنَّحها ، وطارَ بها خیالا
 
تفجَّرَ ثائراً غضبا ، وأبقى
هزيلَ الشِّعرِ للنَّفرِ الهَزالى
 
وطوَّف بالوجودِ، وما توخَّى
به إلَّا الحقيقةَ ، والجمالا
 
وقفت دمي على وطني وشعري
وما قاضيتُه رُتَباً ، ومالا
 
حنوتَ على العروبةِ وهي فجرٌ
فتاهتْ فيكَ كبراً ، واختيالا
 
وأثْكلتَ السِّلاحَ ، وحامليهِ
لداتك، والعقيدةَ ، والنِّضالا
 
ويومَ تقحَّم الجولانَ قومي
على الدُّخلاءِ ، واقتحموا القتالا
 
زحفتَ على جبال ٍ من حديدٍ
مُدمدمةً ، فزلزلتَ الجبالا
 
أتبقى القدسُ بين يدي بغيّ ٍ
غويّ ٍ، يطمئنُّ بها احتلالا ؟
 
تمرَّدَ ، واستخفَّ بكلِّ دین ٍ
وما احترم الصَّليبَ ، ولا الهلالا
 
ولم تر في السِّياسة غير عبْءٍ
ثقيلٍ، لا تطيقُ له احتمالا
 
تُخاتل من تخادنُه خداعاً
وتذبحُ صبرَ عاشقها دلالا
 
نخوضُ غمارها، فنضيعُ فيه
و نمضي نملأُ الدُّنيا جِدالا
 
تنكَّرَ بعضُ أصحابي ، وأبدى
جُموحاً في السِّياسةِ ، وارتجالا
 
وما أنكرْتُه .. لكن أردنا
لهُ، ولهمْ ، هدوءاً، واعتدالا
 
رويدَكَ : لو نفضتَ يديكَ منها
لعشتَ مُمجَّداً، ونعمتَ بالا
 
تباركتِ العروبةُ أطلعتهُ
علی تاریخنا "أسداً" صِيالا
 
يفجِّرُ ضفَّتي بردی نعیماً
ويزرعُها - إذا غضبت - رجالا
 
تنوءُ بعبءِ، ما حملَ الليالي
فتمشي، وهي متعبةٌ، ثَقالی
 
سأمسك عن مآثره لأنِّي
أخافُ إذا أطلتُ . يقالُ : غالی
© 2024 - موقع الشعر