رأيت بني أبي هدف المنايا - حامد حسن معروف

ندیُّكَ مالهُ أغضی هوانا
کلالاً ، لا يجيبُ، ولا يرانا ؟؟
 
وقفتُ بضاحك النَّادي، ولمَّا
نثرتُ الذِّكرياتِ به بَكانا
 
مررتُ به وكلُّ عزيزِ دمع ٍ
على جنباتهِ العطراتِ هانا
 
وأشفقُ من زيارتهِ لماماً
وما تُوحي القبورُ إلى الحزانَى
 
أذبْنا كلَّ عاطفةٍ عليهِ
وفجَّرنا أضالعنا حنانا
 
جلوتُك في الخيالِ فراحَ قلبي
يُناشدُ جفنَ ناظرِهِ الأمانا
 
وأطلعَكَ الرُّؤى طيفاً حبيباً
یکادُ الوهمُ يبصرُه عيانا
 
أدرنا ذكرياتِكَ حالياتٍ
معطَّرةً فأسكرتِ الزَّمانا
 
عهوداً ملؤُها نجوَى ونُعمى
يلوِّنُها وينشرُها هوانا
 
وطلعةُ أبلج ِ القسماتِ ضاح ٍ
تلوحُ فتمنحُ الشَّفقَ افتتانا
 
أذرَّ الفجرُ مهجتهُ عليها ؟؟
أم اتخذتْ أشعَّتهُ دِهانا ؟؟
 
خيالُك مُترفٌ لو رفَّ يوماً
علی دمن ٍ لخضَّلها جِنانا
 
ألمَّ بكلِّ عاطرةٍ، وحال ٍ
من النُّعمى يفجِّرها بیانا
 
سكبتَ نديَّهُ لَهَباً ، وسحراً
كأنَّ بكلّ جارحةٍ لسانا
 
وأعْلَقُ بالنُّفوس من الأماني
جلوناها منضَّرةً حِسانا
 
صحبتُكَ والشَّبابُ نديُّ ظلٍّ
ترفُّ علی رغائبِه رؤانا
 
ويجمعُ بيننا نسبٌ قُرابٌ
نتيهُ به على الدُّنيا كلانا
 
عرفتُكَ صادقاً، مَرِنَاً ، أبيَّاً
صراعُ الدَّهرِ أكسبه مِرَانا
 
تذودُ عن العروبةِ غير وان ٍ
وغيرك إن تعهَّدها توانی
 
تُسالُمهمْ بيومِ الرَّوعِ آناً
وتبعثُ ثائرَ العَزَماتِ آنا
 
وتهزأ بالحياةِ تودُّ أمراً
أكان من الحياةَ أجلَّ شانا ؟؟
 
فيا وطن الأباةِ ، قضی أبيَّاً
لوجهك ما تكبّده ، وعانی
 
سلْ المُتشدِّقَ الكذبَ المرائي
ومن ترك الزمانُ لهُ العنانا
 
أما كنَّا وكانَ بنو أبينا
علی وهج الشِّفارِ ؟ فأينَ كانا ؟؟
 
ويجرأ أن يجابهَنا دعيٌّ
عرفنا جدَّ والده والده جبانا ؟؟
 
ومنْ نجحتْ قضیَّتُه ادِّعاءً
إذا كُشف الغطا سقط امتحانا ؟؟
 
زنیمةُ معشر ٍ علقتْ زنیماً
فولَّدَ خُبثُ أصلهما قِرانا
 
نزا ليلاً فسافحها بغيَّاً
على دنسٍ فأولدها فُلانا
 
يلوحُ بثغرهِ شفقُ احتيالٍ
وينعمُ عندَ ملمسِه بنانا
 
حنانَكَ إنَّ من نكَدِ الليالي
حلیفا بتَّ تأمنُه ، فخانا
 
يرى زفراتِنا نغماً ، ويلقی
نعيَّك في مسامعه أذانا
 
ورحتُ تضمُّهُ حَمْلاً، ولكنْ
ضممت إلی جناحِك أفعوانا
 
تعهَّدناهُ في صِغَر ٍ، فتیَّاً
فأنكرنا علی كبر ٍ فَتانا
 
رفعناهُ إلى رُتَب المعالي
فتاهَ بها ... رويدكَ يا أخانا
 
سَلْ النَّفرَ البُغاثَ ، ومن ترامی
به المسعى، فقصَّرَ عنْ مدانا
 
نَفَخْنا كبرياءَ المجدِ فيهمْ
فساروا يُدلجونَ على خطانا
 
لأنْ ورفتْ ظلالُهُم ، فإنَّا
سَقينا كلَّ وارفةٍ دِمَانا
 
غرسنا الدَّربَ - دربَ الشَّعبِ – ورداً
فكانوا بعض ما غَرستْ يَدانا
 
أمُسْتورِ زنادَهُم رويداً
فلا قبساً أصبتَ ، ولا دُخانا
 
و متَّخذاً سوابغَهم مجَّناً
لدى الهيجاءِ : رأسكَ والسِّنانا
 
أبا الشُّعراءِ تندُبكَ القوافي
فترسلها، وتبعثُنا حَزانَى
 
تكاثرَ أدعياءُ الشِّعرِ فينا
فضجَّ الشِّعرُ مُحتقراً مُهانا
 
و شاخ علی الصِّبا، فابعثْ نبيَّاً
يردُّ لهُ الصِّبا والعُنفوانا
 
فنمْ ، فالمتعبُ المجهودُ أغفَى
وهادنت المتاعبُ ، فاستكانا
 
وأشرقَ فجرُ قومِكَ ، واستحالتْ
بنا دُنيا العروبةِ مهرجانا
 
و أسمر في الكنانةِ يعرُبيٍّ
تنمَّرَ يُوسعُ القَدَرَ امتهانا
 
مشى يطأ الكواكبَ غیرَ وان ٍ
يرفُّ علی ذؤابتِه لِوانا
 
توثَّبَ في الحمى قدَراً غَضوباً
فأصبح ملجأ الدُّنيا حِمَانا
 
رمى الدُّخلاءَ متَّئداً ، فأصمَى
وعزَّزَ حقَّ موطنه ، وصانا
 
ولي بين القبورِ ثرى حبيبٌ
تضرِّجُهُ المدامعُ أرجُوانا
 
غفى فيه المحمَّدُ والمُعلَّى (*)
فيا للتُّربِ نُودعهُ مُنانا
 
مَرَغتُ علی ترابهما جفوني
ومنْ حُرقي ضممْتُ الصَّحصحانا
 
رأيتُ بني أبي هدف المنايا
كأنَّ اللهَ للمحنِ اصطفانا
 
بكيتُ على الصِّبا ظلاً نديَّاً
نزلناهُ فكدَّرهُ شقانا
 
وثغراً عاطرَ القُبلاتِ ما إنْ
نشدنا وردِه إلَّا اتَّقانا
 
وللأورادِ أنَّى نضَّرتها
مدامُعنا ، ويقطُفها سوانا
 
وما ضرَّ الهوى، والصَّحبَ أنّا
أذَبنَا في مراشفها صِبانَا
 
تعهَّدت الضُّحى جَدَثاً زكيَّاً
ورفَّ الفجرُ عاطرِه ، وزانَا
 
ولامس طيفُهُ كبدي ، وسالتْ
علی حصباءِ تربتِه جُمانا
 
-------
 
(*)حفيد الفقيد و قريبه: الشاعر النابغة المرحوم معلى غنام
© 2024 - موقع الشعر