المحبة و السلام - حامد حسن معروف

ملأَ الحياةَ حياةَ يومكَ والغدِ
أملٌ يجيءُ بهِ صباحُ المولدِ
 
نبأٌ من الملأِ العليِّ مبشِّرٌ
كل الوری بشروقِ شمسِ "محمَّدِ"
 
ولدَ اليتيمُ أباً ، و بُوركَ جدُّه
من كافلٍ يرعى الطُّفولةَ أصيدِ
 
طفلانِ: طفلٌ في الحجاز وقبله
في بيتِ لحمِ القدسِ طفلُ المِزودِ
 
سجدَ الزَّمانُ علی عتُوِّ جلالهِ
لهما سجودَ ضراعةٍ وتعبُّدِ؟
 
وإذا المحبَّةُ والسَّلامُ شريعةٌ
فوق الكنيسةِ أشرقتْ والمسجدِ
 
وإذا ابنُ آدمَ سیدٌ وخليفةٌ
والأرضُ مزرعةٌ لهذا السَّيِّدِ
 
هبطَ السَّماءَ إليه يحملُ هديةُ
فإلى متى يا ابن الثَّرى لا تهتدي؟
 
فالدِّينُ كلِّ الدِّينِ كلُّ سعادةٍ
للمرء في قولهما : لا تعتدِ ؟!
 
أنا لا أرى غيرَ المحبَّةِ مذهباً
ولغيرِ ربِّ الحبِّ لم أتعبَّدِ!!
 
یا جمرةَ الحبِّ التي في أضلعي
لا تخمدي، لا تخمدي، لا تخمدي
 
شبَّ اليتيمُ وصِيْدُ مكَّةَ سُجَّدٌ
لِلَّاتِ ... لكنْ "أحمدٌ" لم يسجدِ
 
أنا يا أبا "الزهراءِ" فوحُ قصيدةٍ
نَضَحَ اللهُيب بها شفاهَ المنشدِ
 
أنا في مديحكَ يا محمَّدُ شاعرٌ
يمتاحُ من هذا المعين السّرمدي
 
سکرتْ به الدُّنيا ولو رجَّعتُهُ
شرقَ الزَّمانُ وغصَّ بالعبقِ النّدي
 
لوَّنتُهُ بدمِ الأصيلِ ، وعطرهِ
وعصرتُ ثغرَ المشرقِ المتورَّدِ
 
وأخذتُ من شهقاتِ ساجعةِ الضُّحى
نغمي ، ومن صلواتِ كلِّ مغرِّدِ
 
وحملتُ جيِّدَه إليك، وأنت في
علياءِ قدركِ فوقَ فوقِ الجيِّدِ
 
ووقفتُ أسخرُ من يدي وجنونِها
كيف اشرأبَّت لاقتطافِ الفرقدِ
 
والنَّجمُ أبعدُ ما يكون إذا رَأتْ
بعضُ العيون خياله في المرصدِ
 
في رحابك يا " محمَّدُ " موعدٌ
والسُّقمُ أقعدني وباعدَ موعدي
 
هلْ تعذرنَّ إذا تشرَّدَ شاعرٌ
حيناً وعادَ إليكَ بعدَ تشرُّدِ ؟؟
 
بَعُدَ المزارُ به وعاودَ قلبَهُ
ندمٌ ، فعادَ به حنينُ المبعَدِ
 
وفتحتُ قلبي للمحبَّةِ والهُدى
حَرَماً ، لأفتح كلَّ بابٍ مُوصدِ
 
وسعيرُ عاطفتي أحلتُ لهيبهُ
برداً لأطفيءَ نارَ صدرِ الحُسَّدِ
 
وطرحتُ عن كتفيَّ كلَّ خطيئةٍ
لمَّا التقيتُكَ في رحابِ المعبدِ !
 
أشكو إليك مُتاجِراً في دينهِ
لا يرعوي عن جهلهِ ، لا يهتدي
 
ما كانَ شرعُك سلعةً وحبالةً
للتاجرِ المتنسِّكِ المتصيِّدِ
 
 
ما رمَّدتْ جمراتُ موقدِ جهلهِ
بلْ ظلَّ ينفخُ في رَمادِ الموقِدِ
 
لا يشبعنَّ من الحرامِ ، فبطنُه
كجهنَّمٍ ، نَهِمُ المنى ، عَطِشٌ صَدِ !!
 
لا تطمعنَّ بغیر رزقِك طيّباً
وإذا حصلتَ على الزَّيادةِ فازهدِ
 
هلَّا اغترفتَ من السَّنا وطرحتَ ما
خبَّأتَ في هذا الضَّميرِ الأسودِ ؟
 
من يعصمنَّك في غدٍ من ثائرٍ
متمرِّدٍ ؟؟ أو شاعرٍ متمرِّدِ ؟
 
وعصابة أثمتْ يداً وسريرةً
أنا ما مددتِ ولا أمدُّ لها يدي
 
صرَّتْ نواجذُها وكم من بارق ٍ
حملتْ سحابةُ حقدها ، أو مُرعِدِ ؟؟
 
وأمُرُّ عجلاناً بها ، وكأنَّما
مرَّ اليقينُ على ضميرِ المُلحِدِ !!
 
وأمَرُّ من هذا وذلك أمَّةٌ
عصفَ الشَّتاتُ بها فلمْ تتوحَّدِ
 
تركتْ لشانئةِ الخلافِ عِنانَها
فاقتادَها ، ولغيرهِ لم تنقدِ !!
 
أنا يا "ابنَ عبد اللهِ" في أعتابِكمْ
شاكٍ، وذو شجن ٍ، وعافٍ مُجتدِ
 
في أضلعي ظمأَ الرِّمالِ ولم یکنْ
من غير حوضِك يا "محمَّدُ" موردي
 
قَيَّدتُ نفسي بالحقيقة مَبْدأً
لولا الحقيقةُ عشتُ غيرَ مقيَّدِ
 
لي كلَّما ذُكرَ الصِّبا وفتونُه
بوحُ اللَّهيفِ ، وحسرةُ المتوجِّدِ
 
وضجيجُ غاضبةِ العواصفِ في دمي
وأجيجُ أمواج ِ الخِضمِّ المزبَدِ ؟
 
يا أختَ كلِّ غوايةٍ أسلفتُها
بالأمسِ أنكِرُها ، ويُنكرُها غدي !!
 
لي منك إلهامُ البيانِ وليسَ لي
من سحرِ ناعَستْيكَ حظُّ المِرْوَدِ
 
أبداً تقلِّبهُ الأناملُ سابحاً
بالعطرِ، أو متمرَّغاً بالإثمدِ؟؟
 
يا أمَّ كلِّ مسرَّةٍ وخطيئةٍ
أنا إن ذكرتُهُما أطلتُ تنهُّدي
 
ما قيمةُ المِتَع ِ الرَّغيدةِ والمُنى
والدَّهرِ والإنسانِ لو لم تُوْجَدي
 
فإذا تنسَّكَ أو تزهَّدَ شاعرٌ
هل تزهدینَ ؟ ولا أرى أنْ تزهدي
 
الشعرُ دفَّاقُ البيان كأنَّما
جمعوا ليوم "عُكاظِ" يومَ "المِربَدِ" !!
 
والشَّرقُ يحتضنُ الكنوز وسرُّهُ
خافٍ ، تروحُ به الحياةُ ، وتغتدي
 
ولربَّما نفدَ الزَّمانُ وأهلُه
نَفِدوا ، و سرُّ كنوزِه لم تنفَدِ !!
 
سِرَّانِ: سرُّ الوحي "محمَّدٍ"
والسِّرُّ في "المتأنّسِ المتجسِّدِ"
 
أنا في مديحِك يا " محمَّدُ " شاعرٌ
يمتاحُ من هذا الجمال السَّرمدي
 
أنا مثلُ شعري والهوى متجدِّدٌ
في يومِكَ المتألقِ المتجدِّدِ !
 
في ۱۲ ربيع الأول ١٤٠٢ ه
© 2024 - موقع الشعر