دروس من الغربة - أحمد علي سليمان

كل غريب وله دُربة
منحتْها إياه الغربة

وأنا الغربة كم قهرتني
كم طعنتْ قلبي بالحربة

وسقتْني علقمَها دهراً
سَنتي فيها كانت حِقبة

فتعلمتُ دروساً شتى
زادتْني في العيشة دُربة

أولها نِيتُك اعقدْها
واجعلْ سَفرَك فيها حِسبة

ثانيها لا تصحبْ نذلاً
بالأنذال تسوءُ الصحبة

يهوى النذل الأخذ مراراً
مالاً أو أكْلاً أو شُربة

لا يعطي مَن جاد عليهِ
يحيا دُوناً ، يا للسُبة

ويرى الجودَ عليه لِزاماً
وإذا جاد فهذي خيبة

ثالثها سِرّك لا تنشرْ
بين الناس ، فبئس العَيبة

لولا إفشاؤك ما علموا
وإذا علموا كانت نكبة

رابعها مالك لا تُهدِرْ
لأمورك رُزءٌ ومَغبة

والمال فمسؤولٌ عنهُ
ضمنَ الأربع ، هذي صعبة

خامسها دينَك لا تُهملْ
أنت بدينك أسمى رُتبة

سادسها جانبْ معصية
إن أخطأت فأحدِثْ توبة

والله سيقبلُ مَن تابوا
إن رغبوا في التوبة رغبة

سابعها للغير فأحسنْ
لهمُ اجعلْ مِن مالك نسبة

دنياك ستذبلُ زهرتُها
وستُجْدِبُ مَرعاها الخصبة

لا ألقاك بها مُرتزقاً
ترتعُ في ساحتها الرحبة

أتعيشُ أنانياً نذلاً؟
فشبيبتك مضتْ والشيبة

ثامنها حاذرْ مِن نفر
رشفوا الذل مياهاً عذبة

لا تُكرمْهم أبداً أبداً
هم بالذلة أشقى عُصبة

تاسعها لا تقبلْ ضَيماً
مهما عشت ظروفاً عطبة

عاشرها وأخيراً قصّرْ
آمالك ، لا تنسَ التُربة

بعد الموت ستغدو ذكرى
أخلدْ ذكرَك بعد الغيبة

© 2024 - موقع الشعر