تحية للأستاذ مهدي سعد زغلول - أحمد علي سليمان

تحية مِن صَميم القلب يا مَهدي
فاحت شذىً كشذى الأزهار والوَردِ

ما الياسمينُ وما الرَيحانُ إن نفحا
بجانب الشعر؟! ذا أزكى مِن الرُند

تحية سَطعتْ كالشمس مُشرقة
تُهدي الضياءَ بلا وْهْج ، ولا صَهد

تحية نفحَ التلميذ زبدتها
حتى يراها الورى في ذِروة المَجد

تحية تألفُ العُيونُ طلعتها
وما لها – في تحايا الناس – مِن نِد

تحية تشتهي الألبابُ أحرُفها
فكم تُزيل الذي تحوي مِن السُهد

تحية عذبة الألفاظ يانعة
فليس تجمعُ بين الضد والضد

فيها التناسقُ لا يُزري بفكرتها
بذلتُ في نظمها شيئاً مِن الجهد

كعِقد ماس زها في صدر غانية
وقد تكون بذا أحلى من العِقد

تحية حوتِ الفخارَ أجمعَهُ
وسَجّلتْ باقة مِن خالص الوُد

حييتُ فيها الذي البيانَ علمني
في قالب مَزجَ المِزاحَ بالجد

وعلّمَ النحوَ كي يُقيمَ مَنطقنا
وفي دراسته مَعاقدُ الفيد

وعلّمَ الصرفَ للطلاب مُحتسباً
مُعطِراً درسَه بالفرح والسعد

وبعدُ علّمنا النصوصَ زاخرة
بطيّب القيم العصماء والرُشْد

ولم يكنْ - بلسان الضاد - مرتزقاً
لا يستوي الحُر - في القياس - بالعبد

لم يألُ جهداً ، ولم يبخلْ بخبرته
على يديه بصُرتُ الضادَ كالشهد

يا ابنَ (السويس) حباك الله مِكرُمة
والضادُ بعد الهُدى من أعظم الرفد

عاهدت ربك أن ترقى بمن درسوا
ثم انبريت تفي يا (مهدُ) بالعهد

وكنت واعدتنا ألا تُعنتنا
ولم تُخالفْ عن الوفاء بالوعد

عِشْت الغريبَ الذي تكفيه عزته
عن طِلبةٍ من كِرام الناس باليد

عشت العفيف الذي استغنى بعِفته
عن أن يُقِر – لغير الله - بالحمد

وعشت تزرعُ فينا كل عارفةٍ
وعشت تغرسُ فينا قيمة الزهد

خِفناك لمّا اتخذت الحزمَ توطئة
إذ لم يكنْ عندنا في الهزل من جد

لكنْ وجدناك تُطرينا وتمدحُنا
وكنتُ أسألُ: دُلوني على القصد

وبعدَ لأي عرفتُ القصدَ متضحاً
وما انتظرتُ - من الرفاق - مِن رَد

أستاذنا عنده التدريس موهبة
وعند ربك كل الأجر والحَصد

وكان يُدركه رسالة عظمتْ
لها مكانتُها في الناس والبُلد

و(كَفرُ سعدٍ) به تختالُ مائسة
بين البلاد كمثل الغادة الخَود

يا فخر (دِمياط) بالضيف الذي ندَبَتْ
وليس تحمله يوماً على عَود

تراه فارسَ أحلام به شرُفتْ
فدَرسُ أبنائها حصيلة الغد

أستاذنا كنت نبراساً يُضيء لنا
حنادسَ الدرب تُردي عزمة الوُلد

ولا نزكّي على رب السما أحداً
وهل يُقارَنُ رب الناس بالعبد؟

أستاذنا لم يكنْ في درسه شبحاً
وقلبُهُ ما به شيءٌ مِن الحقد

وكان شهماً كريماً في تعامله
شتان شتان بين الشهم والوغد

هذي التحية مثلُ الدَين في عُنقي
اليوم أسْطرُها سَمْحا بلا قيد

له جميلٌ على شِعري وتجربتي
وذاك رَدّي ، وبي شيءٌ مِن الوجد

ألا أكون بها وفيتُ حق أب
فعندهُ النصُ مَعروضٌ على النقد

فصحح النصَ يا أستاذ دون هوى
وجُدْ بتدقيقهِ بالجزم والحيد

آتاك ربك - في التصريح - مدرسة
فأخرج السيفَ إنْ صرّحت من غِمد

إن كنتُ أخطأتُ فيما قلتُ مجتهداً
أو كنتُ جاوزتُ فيما صغتُه حَدي

فأنت أولى بعُذري أو مؤاخذتي
وأنت أجدرُ بالتيسير والتيد

والشعر يبقى دهوراً بعد شاعره
ليحمل المِدحة الزهراءَ للمَهدي

وإن يكنْ - في زماني - غيرَ مشتهر
يوماً سيَهزمُ مثلَ البَرق والرعد

كالبحر يَزخرُ بالخيرات مُطمَرة
برغم إنكار أهل المَكر والجَحد

وإن يكنْ هدّهُ جَزرٌ ، وجَندَلهُ
طبيعة البحر بين الجَزْر والمَد

مهما تنقصهُ الأغرارُ عن رَغم
فالبحرُ قاهرُ أهل الجهل والعِند

والبحر مُغرقُ من عابوا سَجيته
مِن الأصاغر أهل العَيب والكَيد

مَهدي مَدحتُك عِرفاناً بما بذلتْ
كفُ الكريم بلا حَصر ولا عَد

أبقاك ربي لنشر الضاد تكرمة
وكنت يوم الجزا في جنة الخلد

© 2024 - موقع الشعر