إتحاف الخواص في مدح سعد بن أبي وقاص - أحمد علي سليمان

في مدح (سعدٍ) يَطيبُ البشْرُ والسعدُ
والشعرُ في مدحه يشدو به المجدُ

برى السهامَ ، وسوّاها ، وأصلحها
وكان منه بها الدفاعُ والذود

رمى بها في سبيل الله مَن كفروا
وما اعتدى ، إنما في كَبْح مَن صَدّوا

والبدءُ كان برؤيا ليس يَعْبُرُها
إلا خبيرٌ بهِ يُستظهر القصد

رأى ظلاماً بدرب مثلِ مَجْهلةٍ
لا يُستبانُ به سهلٌ ولا نجد

لذا استغاث ، ولم يُغِثْه من أحدٍ
فما لظلمةٍ (سعدٍ) هذه حد

وفجأة عَمّه - بنوره - قمرٌ
وبات مُلتمساً تأويلها سعد

فقصّها ، وله (الصدّيقُ) مُنتصتٌ
وبعدُ أوّلها بما به الفيد

وقال: تسعى بلا هُدىً ولا رَشَدٍ
في الجاهلية ، والظلامُ مُشتد

والقصدُ أدركهُ (سعدٌ) بدون هوىً
وقاد عبداً - إلى إسلامه - الرُشْد

وجاهد الشرك في (بدر) يُبادله
سَهماً بسهم ، وعز الحصرُ والعد

وأثخنتْه جراح الحرب دامية
في جُبّةٍ دمُها كأنه الوَرد

وقال: هذي ضعوها بعدُ في جَدَثي
ألقى بها الله ، نعمَ الثوبُ والبُرد

وجابه الكفر في (أحُدٍ) بلا خوَر
ولم يُثبطهُ إرعادٌ ولا كيد

خاضَ المغازيَ مُعتزاً بمِلتهِ
فاز الجهادُ وفاز البذلُ والجهد

وحارب الردّة الرعناءَ مُحتسباً
وما احتوى سيفه في حربه الغِمد

و(القادسية) سعدٌ كان نسّقها
فقادة خلفهم يُجاهدُ الجند

وتلك مَيمنة ، وتلك مَيسرة
والقلبُ فيه الأباة السادة الأسْد

وجادلوا (رُستماً) ، فاختار حربَهمُ
فلم يكن من لقا جيوشهم بُد

وجرّعوا الفُرسَ نار الحرب ساعرة
فما أتى مَددٌ لهم ولا رِفد

وفي (المدائن) صلى (سعد) مبتهلاً
وللمليك – على تمكينه - الحمد

وكان (سعدٌ) على البلاد يفتحُها
رأساً ، فعزتْ به الأمصارُ والبُلد

وظل في (الكوفة) العصما يُمصّرُها
والحُر فيها استمى كما استمى العبد

وفي (المدينة) كان الموتُ مرتصداً
وفي (البقيع) طوى جُثمانه اللحد

وادي (العقيق) بكى على رحيله أسِفاً
إذ غاله الحُزنُ والإيلامُ والوَجد

يا(سعدُ) أبشرْ بما دعا محمدُنا
بجنةٍ لك فيها الخيرُ والخلد

© 2024 - موقع الشعر