أحب الصالحين ولست منهم! (محاكاة للشافعي) - أحمد علي سليمان

تُحِبُ الصالحين ، وأنت فيهم
كمثل البدر يُهديهم شُعاعَهْ

وتكرهُ مَن يُجاهر بالمعاصي
ترى العِصيانَ مِن أخزى البضاعة

ملأت الأرض عِلماً لا يُبارى
وظني أن يُبلغك الشفاعة

وفقهت العباقرة احتساباً
وفقهُ الدين والتقوى صِناعة

وعلمت الأصولَ ، وكنت فيها
إماماً كلهم يرجو اتباعه

وناولت المناقبَ كل فذٍ
إليها أشهرَ الفذ اندفاعه

وخضت البحرَ لم تحذرْ عُباباً
بزورق مُبحر أعلى شِراعه

ودَرّست المبادئَ والسجايا
كأنك كنت تزرعُها زراعة

وربّيت الأماجدَ تصطفيهم
وكلٌ منهمُ أبدى انتفاعه

ورسخت التمسك بالمَعالي
ولم تأخذ مِن الدنيا لعاعة

وقدمت القصائدَ كاللآلي
تفوقُ الدُر – صِدقاً – في النصاعة

و(جوهرُك النفيسُ) دليلُ قولي
تَزينُ نصوصُه طِرسَ الطِباعة

وفذٌ في (الرسالة) عبقريٌ
وفيها يَشتهي القاري مَتاعه

وفي (الأم) التفقهُ مُستنيرٌ
يصدُ الخَصمَ مُحتملاً نِزاعه

ومُسندُك احتوى كم مِن حديثٍ
رواهُ البعض ، أو روتِ الجماعة

وجابهت الطواغيَ دون خوفٍ
وغيرُك ساقَ – في البلوى - وِجاعه

وناظرت الخصومَ بفيض علم
وخلّفَ علمُك الجمُ القناعة

ولكنْ لابتداع البعض بأسٌ
وبعضٌ منهمُ لفظ ابتداعه

وأفحمت المُناوئ في التلاحي
فأبدى – في المناظرة - التياعه

وكم سافرت أسفاراً طِوالاً
وكم عاملت تُجاراً وباعة

وكم أهديت نصحَك من تعدى
وإن يكُ لم يُناولك استماعه

وكم قابلت مُنفعلاً بحِلم
ولطفٍ رافعاً كَف الضراعة

وكم أحسنت في سِر وجَهر
وشِيمتُك التفضلُ والوَداعة

وكم أخلصت ترجو لَمّ شَمْل
يُعاني الناسُ – في الدنيا – انقطاعه

وكم أبدعت في إيصال رأي
لتدفعَ ما افترى أهل الوضاعة

وأقنعت (الرشيدَ) بلا افتئاتٍ
وقد ذهبتْ بحِكمته الإشاعة

فقال: (الشافعي) إمامُ حق
لأجلك قانعاً عقد اجتماعه

وقدّرَ ما تُقدّم من علوم
وقال: أمُرْ تجد سمعاً وطاعة

وفكّ القيد معتذراً لشيخ
ونظف ما اعترى - أسِفاً - ذراعه

فقلتَ: أعودُ منتصراً عزيزاً
فقال: اذهبْ ، ولكنْ بعد ساعة

وكانت عنده شتى القضايا
فأرهفَ – في تداولها - سماعه

على أهل الكلام رُئيت ليثاً
فكلٌ منهمُ أزجى خِداعه

وسَعّر حقده حرباً ضروساً
وبالغ في التنطع والفظاعة

وأشهرَ سيفه حسداً وحِنقاً
وكان كلامُه أنكى شناعة

وجاء (الشافعي) فردّ كيداً
وأبطل باطلاً يُغري سِباعه

ودافع عن حياض الدين فرداً
وجندل مُنكَراً يُزجي ضِباعه

وأخمدَ فِتنة بَلغتْ مَداها
كبَكر عندما لقيتْ (خزاعة).

ألا يا (شافعي) لك التحايا
ومَتعك المُهيمنُ بالشفاعة

شفاعة (أحمدٍ) يوم التنادي
وخففَ عنك - في المأوى - وِجاعه

© 2024 - موقع الشعر