وهل نحن جئنا لنقرأ؟ - أحمد علي سليمان

وفرْ حديثك ، واقرأ الأسفارا
واتلُ المسائلَ ، وادرُسْ الأفكارا

واحفظ مِن الأوراد قسطاً كافياً
واستظهر المأثورَ والأذكارا

واعربْ وعرّبْ ما تشاءُ بدقةٍ
وزنِ الكلامَ ونقح الأشعارا

وانقدْ وصَحّحْ ، وانتقدْ ما تشتهي
مما تراه ، ودَقق الأخبارا

واكتُبْ ، ودوّنْ فالمواقفُ جمة
واجعلْ كتابتك القريضَ شِعارا

وامْهدْ لنفسك ، لا تفوّتْ فرصة
إن الأماجدَ ولوُا الأدبارا

وبقيت وحدك في مواجهة الغثا
ورفاقُ دربك يا همامُ حيارى

وكما تراهم عن غِياثك أعرضوا
أمسى انتصارُهمُ - لمثلك - عارا

أحضرت لي كتباً لتقنعني بما
حوتِ السطورُ تزيدُني استبصارا

وأراك أخطأت الطريقَ ، فإنني
لستُ الذي يستصحبُ الأسفارا

ما لي وللكتب التي أحضرتها
بات الذي أ حيا له الدولارا

يا صاح ما جئنا لنقرأ عِبرة
إن القراءة تجلِبُ الأخطارا

بالجهل نبلغ ما نريدُ تحايلاً
والجهلُ خيرٌ مَنهجاً وسِتارا

بالجهل أصبحْنا أئمة قومنا
والمالُ أغدِقَ فوقنا مِدرارا

بالجهل لُكْنا الآيَ دون تفقهٍ
حتى غدوْنا – في الورى - الأحبارا

بالجهل أعطِينا البيوتَ هدية
واللهِ لم ندفعْ لها إيجارا

وكذا مُنحنا الماءَ قبل الكهربا
والأكلَ لم ندفعْ له دينارا

بعنا - لمن دفعوا - الديانة جهرة
والبعضُ جادَ ، فأكرمَ السمسارا

إنا تنازلنا عن الحق الذي
عشنا نُحرّفُ نصه استكبارا

ما الأمرُ يأتيه الرجالُ نطيقه
الجد كم يستهجنُ الأغرارا

لمّا يكُنْ عَرَضاً قريباً هيناً
حتى نصِرّ - على المَضا - إصرارا

لمّا يكنْ سفراً قصيراً قاصداً
لنتوب ، ثم نتابعَ المختارا

نحن ارتزقنا بالكتاب وآيهِ
ولذا أمِنا القيدَ والأشرارا

لا لن نكون المُبعدين تشفياً
كلا ، وصدّقْ لن نكون أسارى

سنعيشُ أحراراً ، ونرتعُ في الدنا
مَن في الأنام يُضارعُ الأحرارا؟

لك قد تركنا كل أسفار الهُدى
كي لا نُعاملَ غيّباً حُضارا

ما أجملَ الأموالَ نحصدُها بلا
جهدٍ ، ولا نلقى الجزاءَ خسارا

والكل يَشرُفُ أن نكون ضيوفه
والكل يُكْبرُ جمعَنا إكبارا

حِيزتْ لنا الدنيا بأجمل زخرفٍ
ونراك تلعقُ - في الدنا - الصبارا

وانظرْ لواقعك البئيس مُقارناً
وتتبع الأنباءَ والآثارا

مَن أنت حتى تستمي لمقامنا؟
المجدُ عنك وعن سماك توارى

الجهلُ أغنانا ، وأفقرك الهُدى
والجاهلون غدَوْا لنا أنصارا

وظلِلتُ أنتظرُ السفيهَ لعله
يَزنُ الكلام ، ويَحفظ الأقدارا

وضبطتُ أعصابي ، ولم أكُ ثائراً
إن التهورَ يَهزم الثوارا

في بيتنا جهرَ الغشيمُ بجهله
وتقيأ الأغلاط والأوضارا

أفتى خزعبلة ، وجاهرَ بالأذى
فليحمل المُستنكفُ الأوزارا

أخطاؤه ثقلتْ ، وناءَ بحَملها
كم مِن شقي يحملُ الأوقارا

أذنبتُ يومَ جعلت مثلك صاحبي
وقسمتُ بيتي ، واتخذتُك جارا

وبذلتُ معروفي ، ولم أكُ باخلاً
حتى تقرّ - ومَن تعولُ - قرارا

هذا جزائي اليومَ منك بلا حيا
وأراك مُعتدياً خفرت جوارا

وأنا الذي حاجَجْتُ عنك مُنافحاً
كي لا تعانيَ في الحياة عَثارا

اليومَ تصدمُني بلهجة غادر
واللهُ ليس يُوفقُ الغدارا

أشمتّ فيّ اليوم قوماً حذروا
أمسى علاجُك – للأمور - شنارا

أسفرت عن جهل وسُوء طويةٍ
وعلى علائقنا سكبت النارا

لنسيرَ فوق الجَمْر ، تحرقنا به
وأراك أضمرت الأذى إضمارا

لمّا أبيت قراءة النص الشري
ف تكبراً ، ولفظت الاستذكارا

لمّا يكنْ خطأ تُلام لفعله
فلقد وجدتُك هازلاً ختارا

والعيبُ عَيبي يوم خِلتُك قارئاً
تهوى الدليلَ ، وتدرُسُ الأفكارا

إذ قلتَ هل جئنا لنقرأ فكرة
وحروفُ سؤلك خِلتها أحجارا

إذ عشتَ تخدعُنا بأنك قارئٌ
تتلو الكتابَ ، وتقتني الأسفارا

فإذا بكذاب بضاعتُه الهوى
في حَبكة التمثيل ليس يُبارى

إذ أنت مُرتزقٌ بدتْ أوصافه
تتلو الكتابَ لتجنيَ الدينارا

لمّا تكنْ مِن أهله ودُعاته
بل صِرت مُرتزقاً به سَحارا

بيني وبينك موعدٌ وقيامة
فيها نُلاقي الواحدَ القهارا

يَقتصُ منك ، فقد وجَأت كرامتي
وأذعت - مِن بين الورى - الأسرارا

© 2024 - موقع الشعر