وهل في مثل هذا مزاح؟ - أحمد علي سليمان

طِيبُ الفِعال – على الرشاد - دليلُ
والعقلُ – بالفعل الرشيد - كفيلُ

والنفسُ بالخلق الرفيع منارة
والجد طبعٌ مُستم معقول

والروحُ تزكو بالسموّ وتزدهي
والشرحُ عن - دنس الفعال - يطول

لا شيء يُزري – بالرشيد - كمِزحةٍ
في موضع الجدّ الأصيل تهول

والمرءُ إن يجهلْ فثمّ مَشورة
وعميقُ فكْر ليس عنه بديل

والمرءُ إن غلبته خِفة عقله
ستراه يَجهلُ ما يرى ويقول

وإذا تحكمتِ الحَماقة والهوى
ألفيت رُشد العاقلين يزول

وإذا تمكّن مِن ذكي طيشه
ألفيته – للترّهات - يميل

وإذا توشّحتِ النفوسُ بهزلها
لرأيتها – في الهازلين - تصول

والجدّ يرفع أهله ، ويَزينُهم
وعلى التدني الأحْجيات دليل

والحزمُ في جُل الأمور سجيّة
والجد في أسمى الأمور جميل

أبُنيَّ هل في الجد تمزحُ عابثاً
ومن النكات المضحكات تكيل؟

في موضع تأسى القلوبُ لذكره
ودموعُ عين المرء فيه تسيل

أوَما اعتبرت بميّتٍ في داره
هو في المقابر – بعد ذاك – نزيل؟

أوَما اعتراك جلالُ أغرب مِيتةٍ
فيها التقيُّ – بناظريْه – يجول؟

أوَما ادّكرت لمَا تعاينُ ثاوياً
حتى يقودَك صبرُك المأمول؟

أوَما أخِذت بما ابتُليت فتهتدي
لرشاد نفس فوقه القِنديل؟

في محنةٍ طرحتْ عليك ظلامها
واستخلفتْ كُرَباً عليك تدول

حتى غدوت هنا ضحية قهرها
والحزنُ بينك والهناء يحول

فخرفت لم تدرك صواب مقالةٍ
وكأن كاتب نصّها مخبول

في موقفٍ كنت المَعيبَ به ، ولم
تدركْ مَراميَ بأسُهن وَبيل

فاجأتنا برسالةٍ لم نستطعْ
فهمَ الذي حملتْ ، وغمّ القِيل

ووجأت أعناق الحروف ، فأشكلتْ
فلها – إلى دنيا الغموض - سبيل

وعمدت للإلغاز فيما صغته
ما اللغز إن نقشَ الحروفَ جهول؟

برسالةٍ يُدمي القلوبَ كلامُها
ولها نحيبٌ في الخفا وعويل

أجرمت إذ صغت الرسالة هكذا
وفجعت أفئدة لها تأميل

هلا استشرت أولي البصائر والنهى
حتى يخصّك – بالقرار – عُدول؟

هلا سألت لكي يجيبك جهبذ
لا ليس يُعجز ما لديه السول؟

هلا درست دراستين لمُشكل
لتكون – بعد دراستيْك – حُلول؟

أبنيَ فاعلم ما نكِنّ لراحل
أبداً له التقديرُ والتبجيل

في الله أحببناه حباً خالصاً
وسُئلتُ: مَن هذا؟ فقلتُ: خليل

في غربةٍ طالت ، وطال عذابُها
والحُرّ فيها ضائعٌ مذلول

وأبوك كان – على الشدائد - ناصراً
بعد الإله مُعيننا وكفيل

وأخ ورب الناس يَندُرُ مِثله
ودليلنا إما طغى التضليل

والناصحُ الفذ الذي نأتي له
إن عربد التغريرُ والتجهيل

والشاعرُ الفحلُ المُدلّ بشعره
إذ ليس فيه هوىً ولا تدجيل

وأنا سمعت الشعر منه مُزركشاً
لمّا يكنْ في نصّه تطبيل

فعليه مِن رب الورى رَحَماته
ما ضاء نجمٌ ، واعتراه أفول

ولتصْبروا الصبرَ الجميل على البلا
فثوابُ صبر المُبتلين جزيل

© 2024 - موقع الشعر