موت الذئب - عبدالستار العبروقي

La mort du loup
موت الذئب
 
على قمر ملتهب
تعدو السحب
كالدخان على الحريق
إلى حد الأفق
سوداء كانت الغابة
صامتين كنّا نمشي على العشب النديّ
في الخلنج الكثيف
والبرندس العالي
 
فجأة ، تحت أشجار الصفصاف
الشبيهة بأشجار" اللند"
رأينا المخالب الكبيرة
للذئاب المسافرة التي طاردناها
، مرسومة
توقّفنا و تنصّتنا حابسينا أنفاسنا
لا يصدر من الغابة ولا السهل أيّ صوت
فقط، طائر البين في حداد
يصرخ في السماء
لأنّ الريح العاليّة
لا تمسح بقدميها سوى القلاع الخاليّة
و بالأسفل،
أ شجارالبلّوط المستندة على الصخور
تبدو و هي متكئة على مرافقها ،
ممدّدة ونائمة
 
أزحنا الأغصان
و تقدمنا خطوة خطوة
توقّف ثلاثة و أنا أبحث عمّا يرون
رأيت فجأة
عينين ملتهبتين
و خلفهما أربعة أشكال خفيفة
ترقص في الخلنج تحت ضوء القمر
مثلما تفعل كلّ يوم
في ضجّة تحت نظرنا الكلاب الفرحة
عند عودة سيدها،
 
فجأة، جثم شيخ الصيّادين
مقتفيا الأثر وقال ، بصوت خافت
بعد تأمّل الرمل
، وهو الذي لا يخطئ أبدا
هذا أثر جديد لمخالب وخطى ذئبين
قويّين ، و جروين صغيرين
سحبنا كلّنا السكاكين
وأخفينا البنادق وبريقها
كانت أشكال الذئاب متشابهة
وكذلك الرقصات
و الجروان يلعبان بصمت
خوفا من عدوّ لدود لا ينام
ذلك الآدميّ الكامن
خلف الجدران
 
كان الأب واقفا و الأمّ بعيدة
ترتاح قرب جذع شجرة
كذئبة المرمر التي أحبّها الرومان
و كانت تحضن بجنبيها الكثيفي الشعر
" ريموس و روميلوس"
 
تقدّم الذئب
، واجهنا وأقعى بارزا صدره
مغروسة في الرمل مخالبه الحادة
عالما أنّه هلك
لقد فاجأناه
، و سدّت أمامه كلّ المنافذ
إرتمى على أقوى كلب لنا
و أغلق فكّيه الحديديين على رقبته
 
و رغم الرصاص الذي يمزق لحمهه
و السكاكين التي تتقاطع في أحشائه
لم يفتحهما
إلى أن مات الكلب
و آنهار على قدميه
فتركه الذئب
، نظر إلينا ، ثمّ لا أعلم كيف
أغمض عينيه الكبيرتين
ومات دون أن يصرخ
 
و ضعت جبهتي على بندقيّتي الفارغة
أحاول التفكير، و ما استطعت أن أقرّر
مطاردة ذئبته و أبنيه الذين
أرادوا ثلاثتهم أنتظاره
و في اعتقادي بدون إبنيها
ما كانت الأرملة الغامضة الجميلة
لتتركه يتعرّض وحده للمحنة الكبيرة
لكنّ واجبها يستوجب حمايتهما
حتّى تستطيع تعليمهما
تحمّل الجوع
وأ لّا يدخلا أبدا في عهدة المدن
التي عقدها الإنسان مع الحيوانات المدجّنة
التي تتقدّمه في الصيد
من أجل النوم
وهي المالكة الأولى
للغابة و الصخور
 
للأسف ، فكّرت ،
رغم هذا الاسم الكبير للإنسان
وكم يؤسفني ذلك
، نحن المجانين كيف يجب أن نغادر الحياة
و كلّ هذه الآثام
أنت تعرفين ذلك
أيّتها الحيوانات النبيلة
بالنظر إلى ما كنّا على البسيطة و ما تركنا
وحده الصمت كبير وكلّ ما بقى مشين
نعم
، فهمتك أيّها الوحش المسافر
نظرتك الأخيرة نفذت إلى قلبي
لقد قلتَ
" تإنّ و تبكي أو تتوسّل
كلّ ذلك جبن
نفّذْ بحزم مهمّتك الشّاقة والطويلة
في الدرب الذي آختاره لك القدر
ثمّ بعد ذلك ، مثلي أنا
تألّمْ ومتْ
دون أن تصرخْ "
 
Alfred de Vigny 1843
ألفراد دي فينيي
 
من روائع الشعر الفرنسي
ترجمة الشاعر عبدالستار العبروقي
© 2024 - موقع الشعر