الدب وسياسة احتواء الذئب - عبدالناصر عليوي العبيدي

دُبٌّ رَمتهُ غرائبُ الأقدارِ
ليحوزَ كرمًا مُفعَمًا بثمارِ
-
فيهِ العناقيدُ الشهيَّةُ والجَنى
ما قد يُثيرُ غريزةَ المَكّارِ
-
قد حرَّكتْ ذِئبًا هزيلًا جائعًا
عانى من الويلاتِ بعدَ حصارِ
-
بدأَ التَّحرُّكَ كي ينالَ مُرادَهُ
ويصيبَ قسمًا من خراجِ الدارِ
-
ولديهِ ألفُ وسيلةٍ وطريقةٍ
يبتزُّ خوفَ الأحمقِ المِهْذارِ
-
وكلاهُما يتقرَّبانِ تَزلُّفًا
يتبادلانِ رسائلَ الأخبارِ
-
والدبُّ مسرورٌ ليوهِمَ رَبْعَهُ
فيُصَفِّقوا للفارسِ المغوارِ
-
بَسَمَاتُهُ يخفي بها خيباتِهِ
مُتظاهرًا بالعزِّ والإكبارِ
-
وهناكَ فوقَ التلِّ يجلِسُ ثعلبٌ
ويراقبُ الأحداثَ بالمنظارِ
-
فيخاطبُ الدبَّ البسيطَ محذِّرًا
كي لا يكونَ ضحيةً للجارِ
-
يادبُّ دَعْكَ من السياسةِ إنَّها
حِكرٌ على النُّجباءِ والشُّطَّارِ
-
يادبُّ دعكَ من الذئابِ فإنَّهم
رَهْطٌ من الأَنجاسِ والأشرارِ
-
إنَّ الذئابَ وإنْ ظننتَ وضوحَهمْ
بحرٌ عميقٌ غامضُ الأسرارِ
-
فيهِ من الحيتانِ كلُّ مضرَّسٍ
ترويضُهُ صَعْبٌ على البحَّارِ
-
لا يقهرُ الحيتانَ غيرُ مُجرَّبٍ
قد قلَّعَ الأنيابَ في الأسفارِ
-
مازالَ يُصغي للشيوخِ ونُصحِهمْ
ويخافُ مَكْرَ الساكنِ الغدَّارِ
-
وتظنُّ نَفسَكَ قد غدَوتَ مُحنَّكًا
جَلْدًا على الأهوالِ والأخطارِ
-
نمْ عِندَ أُمِّكَ يا غلامُ فلمْ تزلْ
طيرًا صغيرًا أصفرَ المنقارِ
-
بَشَرٌ على ظهرِ السفينةِ قد غدتْ
أرواحُهمْ مرهونةً بقرارِ
-
يخشَونَ نزوةَ سادرٍ متهوِّرٍ
تُلْقِي بِهمْ كنُشَارَةٍ في النارِ
-
هُمْ سادةٌ رُغْمَ اللئامِ أعزةٌ
ما هُمْ من الأنعامِ والأبقارِ
------
عبدالناصر عليوي العبيدي
© 2024 - موقع الشعر