وفيَّة وفاء أبيها! (زينب رضي الله عنها) - أحمد علي سليمان

وفاؤكِ صدّقي بلغ الثريا
وسُطر - في الصحائف - عبقريا

وحار الشعر كيف يصوغ بِراً
عن التصوير مستمياً علِيا؟

أزينبُ علمي الزوجاتِ قِسطاً
مِن الأخلاق محترماً أبيا

فإن نساءنا أولى - وربي -
بقسطٍ يُخرج الشحّ الخبيا

لقد أضحى التعاملُ مستحيلاً
وما حُزنَ الحلائلُ منه شيا

فزوجٌ ترتدي دِرعَ التحدي
كأن الزوج بات السامريا

وزوجٌ تملأ الدنيا ضجيجاً
بدون مبرّر تشكو الوليا

وزوجٌ تقتل الزوج انتقاماً
وقد حملتْ حُساماً سمهريا

وزوجٌ - في التعنت - لا تُبارى
وكم سمعتْ خيالاً مسمَعَيا

وزوجٌ لا تطيع - ولو لأمر -
وتتبع السلوك الجاهليا

وزوجٌ أهلها كم خبّبوها
فألبستِ النشوز المُرَّ زِيا

وزوجٌ لم تصنْ بيتاً عزيزاً
ولا زوجاً ولا ولداً تقيا

أزينبُ لقني الزوجاتِ درساً
عظيمَ الوقع مِفصاحاً وضِيا

فإنكِ فقتِ كل نساء قومي
وجئتِ تبعّلاً نضِراً وفيا

وعشتِ على المكارم والمعالي
مُطهرة السريرة والمُحَيا

تبوأتِ الفضائلَ والسجايا
فقد تابعتِ والدك النبيا

وأمّاً - في الولائد - مثل بدر
يجاور في السماوات الثريا

فكم وفتْ وكم بذلتْ وضحّتْ
وكان عطاؤها عبقاً زكيا

وصدقتِ النبي بلا جدال
وأخلصتِ العِبادة والمُضِيا

وآوت دون مَجبنةٍ وخذل
وكان العونُ مِقداماً قويا

وأعطاها المهيمنُ خير وُلدٍ
فكلٌّ لازمَ الدربَ السويا

وكان أبوك خير الناس هدياً
وعن مدح الورى كان الغنيا

وعاش مبرأ من أي نقص
ورب الناس كان به حفِيا

وهل - بعد النبوة - مِن مقام؟
ولم نعلمْ له أبداً سَمِيا

أحب (خديجة) حباً تسامى
وعاش بحبها أبداً رضيا

تذكرَ بالقلادة عذبَ ذكرى
ومَن أهدتك في العُرس الحُليا

فعاد الزوج من أسر طليقاً
وأعطيتِ القِلادة كالثريا

© 2024 - موقع الشعر