من وحي العيد! (معارضة للمتنبي) - أحمد علي سليمان

أواه ، أواه مما فيك يا عيدُ
تزهو الحواضرُ في الزينات والبيدُ

ويُحشر الناس من رهو وباديةٍ
ويُهدَرُ اليومَ – في الآفاق - توحيد

يُمسي الجميع على مَغنىً وتصديةٍ
وأنت – في ثقةٍ – تختال يا عيد

تعبئ الخمر في أفواه مَن سكروا
وترقص – الآن – فيك الخرّد الغِيد

وفوق وجهك مسحُ الجوخ ملحمة
وسُوقُ شعر ، كذا فلتشمخ الجيد

من كل مُرتزق – بالمدح - مُلتحفٍ
في موكب الدعر تسعى خلفه الخود

أيام هزل على التضليل قد طبعتْ
والحق ناءتْ به أيامُه السود

كذاك فرعون في أجناده ألقٌ
تعطيه قوّته أجنادُه الصيد

أما الكليمُ فلا ذِكرٌ ولا خبرٌ
بين الطغام ، ومن يُسلمْ فمفقود

والناس قد حُشروا في ساحةٍ عظمتْ
أكلٌ وشربٌ وأنغامٌ وتغريد

على حساب الفراعين الذين طغوا
سِحرٌ ومَكرمة ، ما ذلك الجود؟

سَادتْ شوارعَهم أنوارُ فرحتهم
حتى الأفاعي سعى مِن خلفها الدود

يُحاربون الهُدى في عُقر دارهمُ
صرعى الضلال بها كأنهم هُود

تجمّع الكل ، والآمالُ ترقبُهم
وقال موسى: ألا عن دينكم ذودوا

ألقوْا حِبالهُمُ حتى إذا انتفشتْ
خاف الكليم ، وبأسُ الله موجود

لا تخش ما فعلوا ، فإنهم بشرٌ
ألق العصا لا تخفْ فالنصرُ معقود

حتى إذا ألقيتْ طاشتْ بما صنعوا
وأكبرَ الكل ، والفرعونُ جلمود

والسحر قد سجدتْ أربابه طمعاً
في رحمة الله ، إن النور مولود

فصاح فرعون في الأرحاب منفعلاً
يقول: قد مكروا ، والكيد عنقود

سأذبح الكل ، لن أرضى بكم أبداً
عندي السكاكين بل عندي الأخاديد

فأعلن الحق أن الهدْي منتصرٌ
تزول دنياك والجندُ الصناديد

ويدخل الجنة الزهراءَ مؤمننا
ويدخل النار كُفارٌ مناكيد

تأملِ الخلق: مَن تابوا ومَن كفروا
تلق الجميع مضوْا ، والكل موعود

تزول أنت وأحفادٌ – بنا - مكروا
يُحْيُون ذكراك في الدنيا رعاديد

كأنهم ورثوا ما قلت ، وامتثلوا
مِيعادَ عيدك ، والدنيا مواعيد

دنياهمُ غادة ، في العشق غادية
فيها الحنين ، ويُزْكِي حُسنها العود

يوماً تموتُ ، وعِيدُ الذل منتحرٌ
فلا تكون لكم فيه التحاميد

فالحمد لله: رب الكون خالقنا
تبارك الله ، فوق العرش معبود

والموعد الحشْرُ والمَبعوث شاهدنا
واليوم يوم الجزا ، واللهِ مشهود

© 2024 - موقع الشعر