من شابه أباه فما ظلم! (قصة بني عباد) - أحمد علي سليمان

تا الله لم يعتضدْ بالله مُعتضدُ
حيناً ، ولم يعتمدْ عليه معتمدُ

بل كان كلٌ على - الإسلام - كارثة
حلتْ ، وعن والدٍ لم يختلفْ ولد

وآل عبادٍ التاريخ يعرفهم
كم استباحوا وكم في الباطل اجتهدوا

وكم أذلوا بلا حق رعيّتهم
وكم أبادوا حُماة الحق ، واضطهدوا

وكم - بما كسبوا - ضاعت ممالكهم
وحُوربتْ قِيمٌ فضلى ومُعتقد

وكم دماء على البيداء قد سُفكتْ
وكم جيوش ثوى قوادُها المُجُد

وكم جنود برغم القوة انهزموا
من بعد ما سُلمتْ للغاصب البلد

وكم عذاباتٍ الديانُ يَعلمها
فما لها عندنا حَصرٌ ولا عَدد

فتلك دولة ظلم منذ نشأتِها
منذ اعتلى عرشها بالقهر معتضد

لم يَبْن مُلكاً - على الشورى - ليرفعه
لأنه - بأمور الحكم - ينفرد

ولم يؤسسْ - على التوحيد - مرتفعاً
إذ لم يكن أبداً - في عقله - رَشَد

ولم يُقوِّ بشرع الله دولته
والدينُ - للدولة - الأساسُ والعَمَد

حتى قضى ، وانتهتْ أيام رِحلته
وبات ذكرى - بكل البطش - تنعقد

وسار الابنُ على ما خط والدُه
فلم يُحالفه توفيقٌ ولا سَدَد

إذ لا تدومُ - على التنكيل – مملكة
الصدقُ يبقى ، ويمضي الزيفُ والفَنَد

كالسيل يهبط ، والحُباب يغمره
والماء يبقى ، وحَتماً يذهب الزبَد

أعطى الولاءَ لمن دكّوا حواضرَه
وخاب عبدٌ - على الكفار - يعتمد

باع البلادَ لهم يُرضي مطامعَهم
وكان يَعزلُ مَن يأبى ، وينتقد

وعاش يأمنُ أعداءً به مَكروا
وفي معاركه جميعاً اتحدوا

وحاصروه ، فأضحى القصرُ مُعتقلاً
وما لصاحبه - على الوغى - جَلد

وضاع مُلكُ (بني عبّادَ) ، إذ وهنتْ
عُرىً - إليها - عميدُ القوم يَفتقد

جارى أباه ، فزالت كل قوّته
ولم يُضارعْه - في طغيانه - أحد

مِن العُصية هاتيك العصا انبثقتْ
والشبلُ يأتي به - مِن لبْوةٍ - أسَد

© 2024 - موقع الشعر