مزايدة! (لا يجب أن تزايد الأم على دور الأب) - أحمد علي سليمان

إلام التعدي والتغوّلُ والصدُّ
وتغليبُ أهواءٍ يُزاحمُها العِندُ؟

إلام التجني دون أدنى مُبرر
وطرحُ نقاش يستطيلُ ، ويمتد؟

إلام التشفي ، والجميعُ ضحيّة
حليلٌ ، ودارٌ ، والحليلة ، والوُلد؟

علام الجفا والنيلُ مني صراحة
ومِن كل ما ألقاه يا ناس ما القصد؟

لماذا زكَتْ نارُ الخلافات بيننا
ويُصْلي فؤادي من ضراوتها الوقد؟

ويُشوى بلا ذنب جنى أو جريرةٍ
ويغدو كمثل الفحم يحرقه الصهد

لماذا تخِذتِ الهُزء نهجاً ومذهباً؟
ألستِ ترين العيش بالمَقتِ يسْوَد؟

لماذا ذرفنا آهة تلو آهةٍ
إلى أن مضى الإيناسُ والقربُ والود؟

لماذا تصيّدتِ المَزالق والخطا؟
فلا حبذا المنهاجُ ، والسمْتُ ، والصيد

فأين هو الحب الذي صاغ أنسنا؟
وأين الهنا في البيت؟ أودى به الصد

وأين رغيد العيش دفتْ طيوفه
ببيتٍ تداعى إذ تعقبه المَيد؟

ألم نتفق أن نطرحَ الخلف جانباً
ويصبح سراً بيننا اللومُ والنقد؟

ألم نقهر العُذال بالصبر دائماً
لتندحر الأحقاد والعَذل والكيد؟

أما أثرتْ فينا عقودٌ ثلاثة
مضتْ كالنسيم العذب أنى لها العَوْد؟

أما اشتقتِ للأفراح تغمر دارنا
بدنيا كبحر ، طبعُه الجزْر والمد؟

ثمانية الأولاد هانوا جميعهم
لأهواءَ ما انفكتْ تُغالي وتشتد

وهانت بما تأتين أندى علاقةٍ
بها - بين أهلينا - نتيهُ ونعتد

هو الحب يُشجي كل من يحتفي به
وإن يكُ في أفلاكه الضنك والسهد

وليس يحب الحب مَن لا يرومه
ولا مَن على أنات مَن عشِقوا يشدو

ومَن يجعل الحب العفيف رسوله
يميناً رأيتُ الحب مِن خلفه يعدو

وما الحب إلا تضحياتٌ يسوقها
محبٌ كريمٌ ما له - في الورى - ند

يسوقُ من الأفضال ما لا يطيقه
من الناس غطريفٌ يجود ولا فرد

وبالحب يُبنى كل بيتٍ وأسرةٍ
ودارٌ تربّى - في مرابعها - الأسْد

وإني وإن بادلتكِ الحب صافياً
وأخلصتُ في حبي ، ولم أكُ أحتد

فما ضجري أني أعاني تعنتاً
على مَن يُعاديني يعودُ ويرتد؟

ألا إنما البادي تجاوز ، واعتدى
وبالغ عن قصدٍ ، فسربلني الرد

ألا أنتِ مني الروحُ والصوتُ والصدى
وأنتِ الحِمى والنفسُ والعِرضُ والمجد

أرى فيكِ ذاتي واعتزازي وسؤددي
وإن يكُ تفريقٌ يسرّكِ أو بُعد

متى كانت الزلات تطوي ودادنا؟
وهل ألفة المولى يفرّقها (زيد)؟

ألا ليت شعري ، أين رُشدٌ وحكمة
يكون بكلٍّ للذي غالنا حد؟

أعيدي من الماضي التجاريبَ تجتني
عذاباتِ عيش ليس مِن طرحها بُد

ولا تنكئي جرحاً يعكّرُ صفونا
وهل ضد ما ألقى يعالجُه الضد؟

وما استويا جرحٌ تسيلُ دماؤه
فقد شق عنه اللحم ، وامتشق الجلد

وجرحٌ شفاه الله مما أصابه
تبارك ربي الخالقُ البارئُ الفرد

وما استويا الحرُ المعظمُ قدرُه
وآخرُ في أفعاله آبقٌ عبد

حنانيكِ هذا الحبُ أمسى أمانة
لديكِ ، فجدّي سوف ينفعُكِ الجد

وصوني ببذل الوصل حبي وعِشرتي
ليرحل دمعٌ ليس يعشقه الخد

وخلي عن النفس الضغينة والهوى
لقد تُوجعُ النفسَ الهواجسُ والحِقد

ولا تُنصتي للشك ، أنتِ رزينة
أراكِ على خير إذا قادك الرُشْد

ألم تعدي بالأمس أن تحفظي الإخا؟
لماذا بلا نفع يُرى أخلِفَ الوعد؟

هداديكِ هل أنسِيتِ ميثاق صُلحنا؟
وأعطيتِ عهداُ ، فأين هو العهد؟

وفاؤكِ بالميثاق يصفو بنوره
لنا صَدَرُ العيش المُظفّر والوِرد

فهيا معي نبني ونرعى ذمارنا
ونسمُرُ ، علّ الشعرَ في ساحنا يحدو

تروحُ بنا الأشعارُ مُشْرقة السنا
وبالبشر والخيرات - في دارنا - تغدو

سلمتِ لنا ذخراً ، وعوناً ، ونجدة
وزينكِ الإخلاصُ ، والحِلمُ ، والزهد

ولقاكِ رب الناس أحلى مَسرةٍ
وأسكنكِ الجناتِ يَعمُرُها السعد

© 2024 - موقع الشعر