الأب الحقيقي - قام هذا الجار بدور الأب - أحمد علي سليمان

كم في المقابر غُيّبٌ حُضارُ
ذهبوا ولمّا تذهبِ الآثارُ

حازوا الكرامة والشرافة والإبا
ونعاهُمُ الشعراءُ والأشعار

واستأثروا بمناقب وضاءةٍ
وغدتْ لهم - بين الورى - أقدار

بلغوا الذؤابة في التفضل والعطا
وعلى الشهامة في الخلائق غاروا

وتفرّدوا بالمجد والحُسنى معاً
وتواردتْ عن ذلك الأخبار

وتحمّلوا في البذل كل كريهةٍ
ما ردّهم عمّا ارتأوْه ضِرار

حتى غدَوْا بين الأنام منارة
فالناسُ أرضٌ ، والأباة مَنار

هم أخلصوا لله ديناً ، فاستمَوْا
ولهم بذلك هيبة ووقار

ولئن فنوْا ، فالله خلّد ذِكرهم
هم غيّبٌ ، لكنهم حُضار

وعلى المهيمن لا أزكى عبده
جَل المليكُ الواحدُ القهار

لكنه حق الأنام وفضلهم
والله ما استويا غثاً وكِبار

وأخصّ بالذكر المُبجّل جارنا
إذ قدوتي - بعد النبي - الجار

هذا الأشيمط دلني ، وأعانني
والشاهدُ الصلواتُ والأسحار

والناسُ والجُمَعُ الجلائلُ شُهَّدٌ
وأولو النهى الرئبالة الأخيار

كم خصّني بالنصح ينشدُ رِفعتي
لا شيء مثلَ النصح حين يُعار

كم من رفاق السوء حذر مُنذراً
وأنا استجبتُ ، وأثمر الإنذار

فعليه رحمة ربنا ما أشرقتْ
شمسٌ ، وما كسح الظلامَ نهار

وأنا - بدمع العين - قد أبنته
والدمعُ - في تشييعه - مِدرار

أبتاهُ تبْ حتى أحبك مثله
واحقرْ ذنوبَك ، ربنا غفار

© 2024 - موقع الشعر