غداً يتحدث الرطب! (مساجلة عشماوية) - أحمد علي سليمان

قريضي بات يكتئبُ
وبالأحزان يختضبُ

وتلفحُه لواعجُه
فيبكي ، ثم ينتحب

ويجتر الجوى أسفاً
فيأسى ، ثم يضطرب

ويهتاجُ العروضُ به
فيعنو الوقصُ والخبب

وتمكو كل قافيةٍ
وينأى الردف والسبب

ويشقى الحرفُ مبتئساً
ويأسى العلمُ والأدب

على أحوال أدؤرنا
وقد غصتْ بها الكُرَب

على الأوضاع جندلها
عليها اللهو واللعب

وأغضبتِ المليك بما
تُخالفه وتحترب

فلم تحكم بشِرعته
لذا عصفتْ بها النوب

وقد ظفر العداة بها
فهذي أرضها اغتصبوا

وعاثوا في مناكبها
لهم في ساحها الغلب

وأدؤرنا لهم تبعٌ
فهم رأسٌ ، وذي ذنب

غدتْ في ذيل قافلةٍ
وغاب الصيتُ والحسب

وزال المجدُ ، ما ارتفعتْ
له الراياتُ والطنب

وماتت هيبة وصُوَىً
وعاش الإسمُ واللقب

وضاعت نخوة شهدتْ
بها الأزماتُ والحقب

وقال الغربُ كِلمته
وأدؤرنا لها خطب

ولكنْ كِلمة الخبثا
لها الأسيافُ واليلب

وكِلمتنا لها صفدٌ
وتحبسُ بأسها الكُتُب

وللأعداء صولتُهم
وهذا الحق مكتسب

نقلدهم ، ونغبطهم
ونفعل كل ما ارتغبوا

فنطعم مثلما طعموا
ونشرب مثلما شربوا

ونقرأ مثلما قرأوا
ونكتب مثلما كتبوا

ونسكتُ مثلما سكتوا
ونخطب مثلما خطبوا

ونخسر مثلما خسروا
ونكسبُ مثلما كسبوا

وندرس مثلما درسوا
ونحسب مثلما حسبوا

ونمكث حيثما مكثوا
ونذهب حيثما ذهبوا

ونبعد حيثما بعدوا
ونقرب حيثما قربوا

ونكره كل ما كرهوا
ونرغب كل ما رغبوا

ونأمنُ مثلما أمنوا
ونرهبُ مثلما رهبوا

ونرضى ما العداة رضوا
ونغضب مثلما غضبوا

ونسمُر مثلما سمروا
ونلعبُ مثلما لعبوا

ونستهدي طريقتهم
وندأب مثلما دأبوا

وإن ركبوا غرائزهم
ركبنا مثلما ركبوا

وإن قالوا وقد كذبوا
كذبنا مثلما كذبوا

وإن هجروا مدائنهم
هربنا مثلما هربوا

وإن سلبوا الحقوق ضحىً
سلبنا مثلما سلبوا

وإن عمدوا إلى طرب
طربنا مثلما طربوا

وإن لاذوا بمقتلةٍ
لنا التقتيلُ منقلب

وإن جُذبوا لمعصيةٍ
لنا العصيانُ منجذب

وإن عجبوا لمسألةٍ
عجبنا مثلما عجبوا

وإن صحبوا أراذلهم
صحبنا مثلما صحبوا

وإن صلبوا بمعتقدٍ
صلبنا مثلما صلبوا

كأنا إذ نقلدهم
نأى عن شعبنا اللبب

نتيهُ بهم ونُكْبرهم
إلى أن مسنا الودب

زللنا إذ نتابعهم
ونأتي كل ما ارتكبوا

فهل من توبةٍ وتُقىً
بها للحق ننجذب؟

ونلفظ حصرم الأعدا
إذا ما راقنا العنب

ونطرحُ دقلنا أرضاً
إذا ما شاقنا الرطب

ونرضي الله خالقنا
ونعمل ، ثم نحتسب

ونطوي شر غفلتنا
وأجرَ الله نرتقب

ونقلو الشك نرجمه
فماذا أجدتِ الريب

يمين الله نحن لنا
على أعدائنا الغلب

ونصرُ الله مدخرٌ
إذا قمنا بما يجب

وتقوى الله عُدتنا
وهدْيُ (المصطفى) سبب

© 2024 - موقع الشعر