رسالة إلى هارون الرشيد! (مساجلة عشماوية) - أحمد علي سليمان

زمانُك الغض يا (هارون) يُهديني
نورَ اليقين ، فلا تبقى أظانيني

كم في زمانك من حُسنى ومَعدلةٍ
تُعيدُ للناس بأسَ الحق والدين

كم في مانك من خير يفيضُ على
أهل الممالك بين الحين والحين

كم عاش أهل الضواحي في بُلهنية
كأنما دُورُهم أحلى البساتين

كم عاش أهلُ البراري في عشيب رُبا
تُحاط بالموز والرمان والتين

عصرُ الرشيد له بين العصور مدىً
ونال تقييدُه من بعد تدوين

وخص بالجود أهلَ العلم قاطبة
مَن حدّدوه بتسجيل وتقنين

كم حُوربتْ بدعة بانتْ حقيقتُها
وحَسْمُ هارونَ مَاض غيرُ ممنون

كم أظهرتْ سُنة في الناس قد خفيتْ
وعندما ظهرتْ خصتْ بتمكين

كم جُهزتْ لجيوش الفتح مؤنتُها
حتى تزلزل أطماع الفراعين

كم من معارك والرشيد قائدها
بها أزيلتْ أباطيلُ الدهاقين

كم من قضايا وهتْ فحوى قضيتها
ساق الرشيد لها أقوى البراهين

واليوم أكتبُ للرشيد أخبره
بما ابتُلينا به بدون تدشين

تغير الحالُ يا (هارون) بعدكمُ
واليوم نحيا بلا أدنى موازين

دماؤنا رخصتْ في كل مصطدم
وكم بُلينا بأصناف الطواعين

جاء الكتابُ لكم عليه (خادمكم)
واليوم نخدم أشياع الدهاقين

وقلت للسحْب محبوراً تُخيّرها
أن تُسقط الغيث في أي الأراضين

واليوم قد وهنتْ في الناس قوّتُنا
كشأن كل رعيل جد مَغبون

وكم تُعذبني أدنى مقارنةٍ
للواقع المُر بالماضي بتهوين

يا سيدي عُدت للتاريخ أسأله
عما يُسربلنا مِن الأفانين

هنا علمتُ بأن الأمة احتضرتْ
ولن تعود لنا بألف تأبين

واللهَ أسألُ أن يُعيد أمتنا
لسالف المجد ، هذا المجدُ يكفيني

وأن يرد لها عظيمَ سُؤدَدِها
برغم أنف الأباليس الشياطين

وأن يُبوئها أسمى مكانتها
وأمرُ ربيَ بين الكاف والنون

© 2024 - موقع الشعر