شَفَّها السَيرُ وَاِقتِحامُ البَوادي - صفي الدين الحلي

شَفَّها السَيرُ وَاِقتِحامُ البَوادي
وَنُزولي في كُلِّ يَومٍ بَوادِ

وَمَقيلي ظِلَّ المَطِيَّةِ وَالتُر
بُ فِراشي وَساعِداها وِسادي

وَضَجيعي ماضي المَضارِبِ عَضبٌ
أَصلَحَتهُ القُيونُ مِن عَهدِ عادِ

أَبيَضٌ أَخضَرُ الحَديدَةِ مِمّا
شَقَّ قِدماً مَرائِرَ الآسادِ

وَقَميصي دِرعٌ كَأَنَّ عُراها
حُبُكُ النَملِ أَو عُيونُ الجَرادِ

وَنَديمي لَفظي وَفِكري أَنيسي
وَسُروري مائي وَصَبري زادي

وَدَليلي مِنَ التَوَسُّمِ في البي
دِ لِبادي الأَعلامِ وَالأَطوادِ

وَإِذا ما هَدى الظَلامُ فَكَم لي
مِن نُجومِ السَماءِ في السُبلِ هادي

ذاكَ أَنّي لا تَقبَلُ الضَيمَ نَفسي
وَلَوَ اَنّي اِفتَرَشتُ شَوكَ القَتادِ

هَذِهِ عادَتي وَقَد كُنتُ طِفلاً
وَشَديدٌ عَلَيَّ غَيرُ اِعتِيادي

فَإِذا سِرتُ أَحسَبُ الأَرضَ مِلكي
وَجَميعَ الأَقطارِ طَوعَ قِيادي

وَإِذا ما أَقَمتُ فَالناسُ أَهلي
أَينَما كُنتُ وَالبِلادُ بِلادي

لا يَفوتُ القُبولُ مَن رُزِقَ العَق
لَ وَحُسنَ الإِصدارِ وَالإيرادِ

وَإِذا صَبَّرَ القَناعَةَ دِرعاً
كانَ أَدعى إِلى بُلوغِ المُرادِ

لَستُ مِمَّن يَدِلُّ مَع عَدَمِ الجَد
دِ بِفِعلِ الآباءِ وَالأَجدادِ

ما بَنَيتُ العَلياءَ إِلّا بِجِدّي
وَرُكوبي أَخطارَها وَاِجتِهادي

وَبِلَفظي إِذا نَطَقتُ وَفَضلي
وَجِدالي عَن مَنصِبي وَجَلادي

غَيرَ أَنّي وَإِن أَتَيتُ مِنَ النَظ
مِ بِلَفظٍ يُذيبُ قَلبَ الجَمادِ

لَستُ كَالبُحتَرِيَّ أَفخَرُ بِالشِع
رِ وَأَثني عِطفَيَّ في الأَبرادِ

وَإِذا ما بَنَيتُ بَيتاً تَبَختَر
تُ كَأَنّي بَنَيتُ ذاتَ العِمادِ

إِنَّما مَفخَري بِنَفسي وَقَومي
وَقَناتي وَصارِمي وَجَوادي

مَعشَرٌ أَصبَحَت فَضائِلُهُم في ال
أَرضِ تُتلى بِأَلسُنِ الحُسّادِ

أَلبَسوا الآمِلينَ أَثوابَ عِزٍّ
وَأَذَلّوا أَعناقَ أَهلِ العِنادِ

كَم عَنيدٍ أَبدى لَنا زُخرُفَ القَو
لِ وَأَخفى في القَلبِ قَدحَ الزَنادِ

وَرَمانا مِن غَدرِهِ بِسِهامٍ
نَشِبَت في القُلوبِ وَالأَكبادِ

فَسَرَينا إِلَيهِ في أَجَمِ السُم
رِ بِغابٍ يَسيرُ بِالآسادِ

وَأَتَينا مِنَ الخُيولِ بِسيلٍ
سالَ فَوقَ الهِضابِ قَبلَ الوِهادِ

وَبَرَزنا مِنَ الكُماةِ بِأَطوا
دِ حُلومٍ تَسري عَلى أَطوادِ

كُلَّما حاوَلوا الهَوادَةَ مِنّا
شاهَدوا الحَيلَ مُشرِفاتِ الهَوادي

وأَخَذنا حُقوقَنا بِسُيوفٍ
غَنِيَت بِالدِما عَنِ الأَغمادِ

فَكَأَنَّ السُيوفَ عاصِفُ ريحٍ
وَهُمُ في هُبوبِها قَومُ عادِ

حاوَلَت روسُهُم صُعوداً فَنالَت
هُ وَلَكِنَّ مِن رُؤوسِ الصِعادِ

فَلَئِن فَلَّتِ الحَوادِثُ حَدّي
بَعدَما أَخلَصَ الزَمانُ اِنتِقادي

فَلَقَد نِلتُ مِن مُنى النَفسِ مارُم
تُ وَأَدرَكتُ مِنهُ فَوقَ مُرادي

وَتَحَقَّقتُ إِنَّما العَيشُ أَطوا
رٌ وَكُلٌّ مَصيرُهُ لِنَفادِ

© 2024 - موقع الشعر