لمن أكتب الشعر؟ - أحمد علي سليمان

كم كتبتُ الشعر إحساساً وطيفا
كان شعري – في هجير الخذل - كهفا

ثم صغتُ الحِس والإحساس شعراً
ورشفتُ الشعر من بلواي رشفا

فإذا الشعرُ صديقٌ يحتويني
بات ما أكتب – في دنياي - إلفا

إنما الشعر معاناة وفحوى
قبل أن تلقاه تعبيراً وظرفا

وجراحٌ في فؤادي وانفعالٌ
وعذابٌ صُغته كمّاً وكيفا

ومعان في حياتي وضميري
واختلاجٌ ينزف الأناتِ نزفا

واشتياق - في سكون القلب - يشدو
وابتهالٌ – في معين العمر - دفا

وأنينٌ في رواق - الروح - يرسو
وسُهادٌ حل – في مأوايَ - ضيفا

إنما الشعر شعورٌ وقضايا
وجمالٌ بات – بالإيحاء - أصفى

تارة يلهو ، وأخرى في شقاءٍ
ما به جنٌ ، وليس المستخِفا

إنني سطرتُ - بالأشعار - دمعي
بنحيبي ترسم الدمعة حرفا

ثم إني أسأل النفس سؤالاً
يعزف الشكوى - بقلب اللفظ - عزفا

أكتب الشعر لمن؟ يا نفسُ قولي
هل صحيحٌ أنني أنشد طيفا؟

كيف جمعٌ مترفٌ يقرأ شعراً
أورث الدينار فيه اليوم صرفا؟

ليس يدري من رياض الشعر روضاً
عن قطوف العلم قد أغمض طرفا

لا يشم العلم أزهاراً شذاها
يخطف العين من الوجه وأنفا

سيهين النفس إن يقرأ كتاباً
صار جهل الحق – عند الجمع - عُرفا

ينفق المال على الطين ويلغو
وعن الأسفار قد أقصر كفا

سله عن كل ارتزاق وانبطاح
إنه – بين الورى – يحمل سيفا

ويريد الشعر مني دون بذل
أتريد الشعر يا دهقان وقفا؟

وإذا أهديت شعري للخزايا
هل تراهم يفهمون الشعر عفا؟

إنما يفهم شعري من يعاني
يقرأ الأشعار حتى يستشفا

لم أقلْ شعري لغِر ليس يسمو
أو لوَغدٍ ينسجُ الغِيبة قذفا

أو لأفاكٍ جهول ليس يدري
منه صاعُ الحُمق - في دنياي - طفا

أو لثرثار له الدنيا تغني
وهْو – في أرحابها – يحمل دُفا

أو لعبد المال – كلا - صدقوني
وإذا فات الغنى أحدث جرفا

أو لمن يخشى تهاويل البرايا
وإذا هُدد يوماً مات خوفا

أو لمن - في النحو - لا يدرك باباً
لا ، ولم يعرفْ لذاك النحو صرفا

أو لمن أخلد للأرض طويلاً
فيه ماءُ الهدي والإيمان جفا

أو لمن تبكيه أو تلهيه ليلى
ويراها – في الورى – شِعراً مقفى

أو لمن يرضى أراجيف الطواغي
ويرى تضليلهم – للناس - عطفا

أو لمن يحتال للفلس ملياً
ثم يُرْبي في جيوب البنك ألفا

أو لمن يزهد في الدين ، ويطغى
يخطف الدينار – بالحيلة - خطفا

أو لمن يأكل بالفرقان قوتاً
ويحف الحق – في الخطبة - حفا

أو لمن يطمع في الدنيا ويزهو
وإذا ووجه يوماً يتخفى

أو لمن يكره أهل الخير دوماً
وإذا أوذوا سريعاً يتشفى

أو لمن دنياه أغلى من هُدانا
يؤثر الطين على النور المصفى

كيف أعطي مثل هذا الصل شعري؟
كيف أوليه شعوري؟ قلتُ: كيفا؟

مَن يُقضّي العمر مزهواً بقصر
هل سيأسى أنني أسكن منفى؟

إنما أولي بشعري من يُقاسي
كلما أنشد بيتاً صار أوفى

ويُقضّي – في المعالي – نصف عمر
ويُقضّي – في بيان الحق - نصفا

وله قلبٌ قويٌ في المنايا
وكذا - في البأس - لا يعرف ضعفا

يشتري العلمَ ، ويفدي من تسامى
وله – في الجد – عزمٌ ليس يَخفى

© 2024 - موقع الشعر