غربة الحق - أحمد علي سليمان

أمِن تقاعس أهل الحق تنزعجُ؟
يا أيها القلب كم أودتْ بك اللججُ

قارورة الوهم هذي كيف تسْكُنها؟
أمَا لفجر الهنا يا قلبُ منبلج؟

طال انتظاري له ، والعينُ دامعة
والروحُ - في كربها - تبكي وترتعج

والنفس تشكو إلى الرحمن خالقها
فِدا الحقيقة يا أقوامنا المُهَج

أما الضمير ففي نيران غيْرته
يُحرّق العزمَ - في تأنيبه - الوهَج

أمّا اليراعُ ففي أحزانه أبداً
يبكي - على حاله - التحنانُ والبَهَج

تغرّب الحق ، بات الناس في عمهٍ
وعمّ أهل الدنا التضليلُ والخمَج

وعربدَ الطيشُ في الأرجاء مزدهياً
وللمعاصي كذا قد صَفق الهمَج

والنور ولى ، وعاش القومُ في ظلَم
والباطلُ المُر بالتدمير يندمج

والدارُ جرّدها من هديها خشُبٌ
والحال في أرضها بالله مُعتلج

أنى اتجهت ترى غيداً وأغربة
تؤيّد الهزل ، يسعى نحوها الدلج

وأصبح الحق في الأغلال متهماً
على الجبين لظى ، والقلب مختلج

وعِزة الحق في الأوحال بائدة
ومَن له القتلُ والتصليبُ يبتهج

وزمرة الحق لم نلحظ لها أثراً
يُزغرد الكل ، لكنْ تلك تختلج

طليعة الحق في التسفيه غارقة
تُرَقع الزور ، يُزْكِي نارَها الهوَج

وتدفن الغِل في أعماق غفوتها
ليثأر الكيدُ والتضليلُ والحِجج

توحّد الكفرُ ، لكنْ تلك ما اتحدتْ
لهُ طريقٌ ، وهذي شَجّها العِوَج

وعُصبة الشر في عز وفي ظفر
وعُصبة النور بالخسران تمتزج

وجوقة الزيف في تزييفهم ولجوا
وفرقة الخير مِن أنوارهم خرجوا

وكربُ أهل الخنا - في الناس - منفرجٌ
وكربُ أهل المعالي ليس ينفرج

وصف أهل الهوى - في القوم - متحدٌ
وصف أهل الهُدى - في الناس - يعتلج

مِن أين يأتي الهُدَى نصرٌ وتبصرة؟
وكيف يأتي الرخا والعز والفرج؟

© 2024 - موقع الشعر