عاشق الزبالة! (وصى بنقل جثمانه في عربة القمامة) - أحمد علي سليمان

مِن المهد للحد تهوى القمامة
وتزعُم أنْ قد بلغت الإمامة

عشقت الزبالة سِراً وجهراً
وعشت تبش لها بابتسامة

كأن الزبالة (جولييت) تهفو
و(روميو) يغني ، ويُبدي غرامه

وتشجي القذارة إحساسَ فظٍ
يهيمُ إذا أنعشتْه الزهامة

بأوساخه كم ينام قريراً
ويُصبح لا تعتريه السآمة

تخط الجراثيم للعِلج درباً
ليُعْظم شأن الأذى والقمامة

وتشدو الصراصير: مرحى بأندي
وتحدو الخنافس: تحيا الزعامة

ويُدلي الذبابُ برأي وجيهٍ
يقول: ببيت الزعيم الإقامة

فيعلو الطنين بكل الزوايا
وتبدو التقاسيم مثل المقامة

وتأتي البعوضات من كل صوب
لتصعق كل خبيثٍ وهامة

ويسعي الجرادُ إلى بيت أندي
جحافلُ في الجو مثلُ الغمامة

وتلقي المزابلُ ما خاس فيها
فأعفانها أصبحت قدْرَ قامة

تحيِّي ابن (رستون) أغلى زبون
بهذي الوظيفة باع الكرامة

وقمَّمَ في كل وَعر وسَهل
يُفتش عن نخوةٍ أو شهامة

فحصَّلها في كنيفٍ وكهفٍ
وأدرك ما يشتهيهِ أمامه

وحلّ بهذا الرذيل احتضارٌ
يسوق له المنتهى والندامة

فأوصى الذين أتوْا أن يصيخوا
لأقواله دون أدنى ملامة

بأن يحملوه بكل اعتزاز
على مَتن سيارةٍ للقمامة

بداخل صندوقها بافتخار
ليضمن مِن عاذليه السلامة

ألا يا ربيبَ الأذى والمخازي
بموتك قامت عليك القيامة

ستندمُ أنك لا لم توحّد
إلهك ، لم تتبعْ الاستقامة

© 2024 - موقع الشعر