سُنبلة وقُنبلة ومكحلة - أحمد علي سليمان

حِرْتُ فِي الدُّنْيا وَكَانَتْ مُشْكِلَةْ
دَاهَمَتْنِي ، فَانْتَهَجْتُ الحَوْقَلَةْ

أَمْرُ هَذِي الخَلْقُ حَقًّا هَالَنِي
وَاحْتَوَانِي طوْق هَذِي المَسْأَلَةْ

بِتُّ مِنْ أَمْرِ البَرَايا حَائِراً
أَمْضُغُ الغَيظَ ، وَأُزْجِي الحَسْبَلَةْ

لَمْ أَكُنْ آسَى عَلَى أَحْوَالِهِم
عِنْدَمَا تَعْنُو الخُطُوْبُ المُعْضِلَةْ

كُنْتُ فِي نَفْسِي الحَبِيسَ المُشْتَكِي
فِي دُجَى نَفْسِي ، وَعِنْدِي مَقْتَلَةْ

ثُمَّ صَارَ العَيشُ فِيهَا مُقْفِراً
وَغَدَتْ أَبْياتُ شِعْرِي مُثكِلَةْ

تَبْدَأُ القِصَّةُ هَذِي هَا هُنَا
عِنْدَمَا أَبْصَرْتُ يوْماً سُنْبُلَةْ

سَاقَهَا المَوْلَى إِلَى أَرْضِ العَنَا
تَحْرُسُ الحَقَّ ، وَتَحْمِي البَسْمَلَةْ

تَكْشِفُ الزَّيفَ لِمَنْ يبْغِي الهُدَى
وَتُنِيرُ الدَّرْبَ ، تُنْهِي المَهْزَلَةْ

تَبْذُلُ النَّفْسَ لِيحْيا غَيرُهَا
وَلَهَا فِي كُلِّ حِينٍ حَمْدَلَةْ

أَنْبَتَتْ كَمْ سُنْبُلاتٍ فِي الوَرَى
وَطُيوْفُ النَّصْرِ كَانَتْ مُقْبِلَةْ

أَمَّلَتْ فِيهِنَّ خَيرًا مُغْدِقًاً
وَلِذَا خَاَضتْ غِمَارَ المَرْحَلَةْ

كَمْ تَعَنَّتْ وَاكْتَوَتْ فِي بَذْلِهَا
تَبْتَغِي الأَجْرَ بِيومِ الزَّلْزَلَةْ!

لَمْ تَكُنْ تَبْكِي عَلَى مَجْهُودِهَا
إِنَّهُ فِي الله عَالِي المَنْزِلَةْ

رغْمَ مَنْ كَادُوا لَهَا لَمْ تَكْتَرِثْ
لَيسَ خَلْفَ الكَيدِ فَحْوَى مُذْهِلَةْ

أَمْرُ دَيانِ البَرَايا غَالِبٌ
كَيفَ يخْشَى المَرْءُ دُنْيا مُبْطِلَةْ؟

ثُمَّ جَاءَتْهَا المَنَايا كَاللَّظَى
تَسْبِقُ الفَأسَ اللَّعِينَ القُنْبُلَةْ

إِنَّهَا فِي الأَصْلِ كَانَتْ سُنْبُلَةْ
ثُمَّ جَاءَتْهَا العَطَايا مُقْبِلَةْ

كَي تَخُوْنَ الدِّينَ والتَّقْوَى مَعًا
وَعَلَى الدَّرْبِ تَقِيءُ الهَيلَلَةْ

فَتَنَاسَتْ دَوْرَهَا فِي أَرْضِهَا!
الهُدَى سِدْرٌ ، وَأَنْتِ الحَنْظَلَةْ

آثَرَت دُنْيا بِقَوْمِي تَزْدَهِي
وَالأَمَانِي بَادَرَتْ بِالمِقْصَلَةْ

وَدَّعَتْ بِالأَمْسِ سَلْوَى عِزِّهَا
وَتَعَالَتْ بِالدَّعَاوَى المُخْجِلَةْ

وَتَهَاوَتْ فِي حَضِيضِ النَّارِ لَمْ
تَكْتَسِبْ بَأسًا يُزِيلُ الخَلْخَلَةْ

أَحْرَقَتْ كَمْ سُنْبُلاتٍ حَوْلَهَا
لَمْ تَذَرْ شَيئًا بِقَيدِ الأُنْمُلَةْ!

ثُمَّ رَاحَتْ تَشْتَكِي عِنْدَ الوَرَى
تَصْحبُ الزَّيفَ ، وَتُزْجِي المُكْحُلَةْ

تُعْلِنُ التَّوْبَةَ إِذْ مَاتَتْ سُدىً
هَلْ يعِيدُ الحَقَّ دَمْعُ الجَلْجَلَةْ؟

إِثْمَدُ التَّزْييفِ دَاجٍ فَاحِمٌ
إِنَّ بَلْوَى الكُحْلِ هَذِي مُخْجِلَةْ

ضَاعَ بَأسُ الحَقِّ فِي كُحْلِ الهَوَى
وَتَلاشَتْ فِي الصِّرَاعِ الحَرْمَلَةْ

رِحْلَةُ الحَقِّ انْتَهَتْ بِالقُنْبُلَةْ
وَضَبَابُ الزَّيفِ خَلْفَ المُكْحُلَةْ

ثُمَّ بِيعَ النُّوْرُ بَيعًا كَاسِدًا
وَتَوَالَتْ- بَعْدَ هَذَا- السِلْسِلَةْ

مَنْ يحِبَّ الحَقَّ ينْصُرْ أَهْلَهُ
إِنَّ سِرَّ الرَّمْزِ جَوْفُ السُّنْبُلَةْ

لَمْ أَكُنْ أَهْذِي ، وَلَكِن فِكْرَةٌ
مَا حَوَتْ مِنْ أَي زُوْرٍ خَرْدَلَةْ

وَصِرَاعُ الحَقِّ – صِدْقًاً - سُنَّةٌ
وَلَصَوْتُ الحَقِّ فِيهَا صَلْصَلَةْ

وَانْدِحَارُ الغَي حَتْمٌ لازِمٌ
مَا عَلَتْ قَوْسٌ بِكَيلِ الأَزْمَلَةْ

لَنْ يكُوْنَ الحَقُّ غُنْمًا بَارِدًا
يعْجِبُ البَاغِينَ أَهْلَ المَأْكَلَةْ

بَلْ لَهُ بَأْسٌ يُجَلِّي عِزَّهُ
وَرِياحٌ بِالمَنَايا مُرْسَلَةْ

© 2024 - موقع الشعر