سبق تقوى النفس الفجور - أحمد علي سليمان

تعودتِ القلوبُ على الفجورِ
فعشعشتِ المفاسدُ في الصدورِ

وأقبلتِ النفوسُ على الخطايا
وغرّتها ألاعيبُ الغرور

وهبتْ فتنة بلغتْ مداها
وهددتِ الخلائقَ بالثبور

ولم تسلمُ عيونُ الناس منها
ولو ركبوا السفائنَ في البحور

ولو طاروا بطائرةٍ تسامتْ
تشق السحْب شقاً كالنسور

ولو كانوا بحافلةٍ تأذوا
بما يجدونَ من خدْش الشعور

سفولٌ ما له أبداً حدودٌ
يجرّ إلى انحطاطٍ مُستطير

وهزلٌ قد تزرَّع بالتدني
يقود إلى المهالكِ والسعير

وقبحٌ لا يصوّره كلامٌ
بمنظور السَّريِّ ، أو النثير

وفحشٌ إنْ غزا أخلاق قوم
لساقهمُ إلى سوء المصير

وموتٌ للضمائر في نفوس
وموتٌ النفس مِن موتٍ الضمير

أليس هناك من رجل رشيدٍ
على التقوى - إذا انتهكتْ - غيور؟

يعيشُ لشرعة الإسلام ليثاً
وأنعِمْ بالتقيّ المُستنير

وتُحْزنه الحدودُ إذا استبيحتْ
ويصدعُ بالوعيد وبالنذير

يُخوِّفُ - بالمليك - مَن استطالوا
فأنسُوا هولَ كارثة القبور

ويغضبُ - للعقيدة - في اعتزاز
وينصر سُنة الهادي البشير

ويقتحمُ الخَبارَ، ولا يبالي
بصولة ذلك الجمع الغفير

ويُلقي بالأدلة ساطعاتٍ
وفي الإقناع ذو خلق صبور

ويحلم - في الجدال - على البرايا
وليس يثورُ كالأسد الهصور

ويدعو للفضائل والمعالي
قلوباً أصبحتْ مثلَ الصخور

عجبتُ لسائق للحق أصغى
وبشَّر بالقبول وبالسرور

ووافقَ دون طعن في النوايا
وأبدى فرحة القلب القرير

ألا رُزقَ السلامة في طريق
ونال محبة الله الغفور

ولو رُكّابه رفضوا الوصايا
وشطوا في التخاصم والنكير

وما احترموا الشريعة في قليل
ولا احترموا المبادئ في كثير

بل احتقروا الذي للخير يدعو
وقال البعضُ: ويحكَ مِن غرير

وقال البعض: يفرضُ ما ارتآه
ورهط قال: يوغلُ في الشرور

ورب الناس يعلم بالخفايا
ولا يخفى الخبيء على الخبير

وإن الله ألهم كل نفس
تُقاها بعد إلهام الفجور

© 2024 - موقع الشعر