رسالة من يتيمة - أحمد علي سليمان

أهلَ المروءة جُوزيتم - بها - الخيرا
يا من رفعتم بها - عن كاهلي - الفقرا

ونلتمُ الفوز – بالجنات - عامرة
وأعظمَ الخالقُ الثوابَ والأجرا

وخصّكم ربنا بالبر عاقبة
وضاعفَ التوبَ والتكريمَ والذخرا

أكرمتمونا ، وحققتم مَطامحَنا
وعن يتيمتنا دفعتمُ الضرا

أعَنتمونا - على عيش - يُسربلنا
وشِدتمُ المجدَ والإعزاز والفخرا

آثرتمُ عوننا على مَصالحكم
ولليتامى لقد أسديتمُ الخيرا

أشعرتمونا بأنا بعضُ عِترتكم
ونحن مِن غيرنا - بما جرى- أدرى

آسيتمُ - بالسخا - جراحَ صَدمتنا
تلك التي لم تكنْ - مِن نزفها - تِبرا

وكنتمُ الأهلَ ، لمّا أهلنا رحلوا
وكنتمُ الردْءَ والأحبابَ والظهرا

وكنتمُ الشاطئَ الذي نقيمُ به
لمّا اشتكى البحرُ - منا - المدّ والجزرا

وكنتمُ الماءَ يَروي ظامئاً عطِشاً
ولم يجد - في بيادي - عيشه نهرا

وكنتمُ الظل - في صحراء - كُربتنا
يقي اليتامى لهيبَ الشمس والحرا

كم التمسنا قلوبَ الصِيد ترحمنا
وليس يرحم قلبٌ ، إنْ غدا صخرا

والله أنقذنا بكم ، وأخرجنا
مِن البلاء طغى ، وأورث الخسرا

فلم نعان - مِن الحياة - شِدتها
ولم نجالدْ مَرارَ العيش والقهرا

ولم نصارعْ عذابَ الضِيق يجعلنا
نستشعرُ الهمّ والتنكيلَ والأسرا

ولم نواجهْ حُزوناتٍ تكبّدنا
فلا ننالُ - بما قد أحدثتْ - خيرا

وكم حرصنا على جهدٍ ومنفعةٍ
حِرصاً يُبلغنا الآمالَ والنصرا

فلم نضيّعْ نوالَ المحسنين سٌدىً
بل الانتفاع – به - أمسى هو الشكرا

وما استهنا بما عِشنا نؤمّله
بل انطلقا ، وسُقنا السعيَ والصبرا

وما مللنا - من الآمال - ننشدُها
وإن طمِحنا - إلى تحقيقها - دهرا

إني لأسطرُ – بالأشعار - تكرمتي
وأفضَلُ القول ما أصوغه شِعرا

لولا محبتكم في قلب من فقدتْ
أباً يعوّضُها - مِن حَنظل - تمرا

لمَا كتبتُ أحاسيسي وتجربتي
ولا سَطرْتُ - من البلوى - ولو سطرا

ولا جهرتُ بما في القلب من شجن
إذ لا أحب - لمَا في خاطري - الجهرا

ولا شكوتُ - لكم - حالاً أضيقُ به
ذرعاً ، وتعصرني غصّاته عصرا

ولا ذكرتُ - من الآلام - خردلة
وإن يكن بعضها يستأهل الذكرا

والوضع قبلكم كم كان جندلنا
فكم نصَبنا وكم ذِعنا الأسى جبرا

حتى ظفِرنا بكم ، والله سخّركم
شمساً تُضيئ - لنا - الحياة والعُمْرا

فخفف الله عنا ما نكابده
من عِيشة تُشبه المنفى ، أو القبرا

لمّا تروْنا هنا ، ونحن لم نرَكم
لكنْ رأينا العطايا - نحونا - تترى

وليس يُنكر ما جُدتم به أحدٌ
إلا الذى حِسبة يستكتمُ السرا

رسالتي اليوم بالحُسنى تُبشّرُكم
وفي البرايا تزفّ السعدَ والبشْرا

وأسألُ الله ربي أن يُبارككم
ويغفرَ الذنب والتقصير والوِزرا

وأن تكونوا رفاقَ المصطفى قدُماً
في جنة بالتقى وبالعطا تُشرَى

© 2024 - موقع الشعر