ذلك ما كنا نبغ منذ اليوم! (طاووس مع المنصور) - أحمد علي سليمان

مواقفُ الصِّيد آياتٌ مِن الفخرِ
هيَ المناراتُ في مسالك الخيرِ

تضيئُ دربَ الورى بالخير يُتحفها
كما أضاء بها مِن سالف الدهر

وتفهمُ الكل أن العِلم ذو شرفٍ
وأن أهليه أشرافٌ ذوو قدر

هم الأشاوسُ بالأخلاق قد عُرفوا
وهم حُماة الهُدى والدين والفكر

لا يركنون - إلى الظلاّم - أجمعهم
إذ الركون لهم يُفضي إلى الخسر

بل يصدعون بلا خوفٍ بما أمروا
مستحضرين الذي يرجون مِن أجر

وباذلين مِن الإقدام ما ادخروا
وفي القلوب يواقيتٌ مِن الصبر

وكم (لطاووسَ) مِن ذكرى مشرفةٍ
في الخير إنْ برزتْ كوامنُ الشر

إن كان مَن حكموا في علمهم زهدوا
فذاك أزهدُ في الأموال والقصر

فلا يتوق إلى دنيا لهم ضحكتْ
وإن أتته بلا جهدٍ ولا عُسر

أراه أهدى إلى (المنصور) موعظة
أغلى مِن الماس والياقوت والدر

وخاف مالكُ إذ رأى عواقبها
فجمّع الثوب يخشى مِن دم العقر

لكنما صرّح (المنصور) مُنفعلاً
اغربْ عن الوجه! (يا طاووسُ) بالأمر

فقال: هذا الذي قد كنتُ أطلبه
كيلا أعِين على ظلمٍ ولا جَور

وعاش مالكُ يُعْلي شأن صاحبه
ويَذكرُ الموقفَ الميمونَ بالفخر

© 2024 - موقع الشعر