خرج ولن يعود - أحمد علي سليمان

إن الحقيرَ - على الأرجاس - مجبولُ
وما لَه - عن سَوادِ القلب - تحويلُ

أخرجتُه من فؤادٍ لم يكن حذراً
أسدي الجميلَ ، كما يُسدي البهاليل

كانت ترائبه مأوى لمَن جحدوا
ومَن بضاعتهم عنه الأباطيل

كم كان يُدني - من الفؤاد - شرذمة
مَن بذلهم في الورى زمرٌ وتطبيل

بي قد علوْا في الورى دنيا وآخرة
وقد نزلتُ بهم ، والخذلُ مرذول

لم أجن خيراً من الأوباش ، مذ فتحتْ
داري لهم ، ولدى الناس التفاصيل

ولا يُلامون ، مَن يلوم مَن سفلوا؟
أنا المَلوم بما جنى المَناكيل

وأستحق الذي أتوْه من مِحن
وأستحق اللظى يُزجيه ضِلّيل

لأنني - غافلاً - أعطيتهم ثقتي
وإنني اليومَ - في الأصفاد - مَحبول

يبكي الضمير جوىً والنفس شاخصة
والشعرُ - مِن أثر الضراء - مَغلول

ومزقتني سهامُ الغدر في صلفٍ
أواهُ كم تختلُ العفّ الأفاعيل

حتى غدوتُ رهين الكرب مبتئساً
وكيف يسعد مبتولٌ ومتبول؟

وما اعتديتُ وبئس الظلم من صفةٍ
وكيف يُشهر سيفَ الجوْر مَخذول؟

وما انتصرتُ لنفسي عند قاتلها
حتى طوتني - على الدرب - الأضاليل

فراح ينسج - مِن صوتي - مرافعة
ثم امتطى صهوة الغرور مَخبول

حياته النيْلُ من عرضي وعائلتي
وقلبُه - بسِباب الصِيد - مأهول

وزرعُ باطله نمتْ براعِمُه
وطينُ فتنتهِ أغراه توحِيل

وراحَ يخطبُ ودّ العِير مُمْتطياً
ظهور مَن رضخوا ، والحكمُ مفصول

أما اتباعُ الذي بالعُسْف متشحٌ
ومَن له - في القطيع - الطوْلُ والطول

أو الانتصار لمظلوم ، مَدامعُه
تسحّ ، يفري عُراها القالُ والقِيل

يدعو المهيمنَ في سِر وفي عَلن
ودمعُه - في قيام الليل - إكليل

ويرتجي نصرة الجبار عاجلة
خير الرجاء الذي – بالذل - مبذول

ترد حقاً - لدى الأوباش - مغتصباً
وتكشف الستر ، إن الستر مَسدول

وما المليكُ بظلام خليقته
كلا ، فعدلُ العزيز الحق مجزول

يُملي القديرُ لمَن أغرته قوته
فإن يتبْ نادماً ، فالتوبُ مقبول

وإن تمادى ، فأخْذ الله مَوعدُهُ
إن المُخاتل تُغريه التماهيل

فليس يُفلت مِن أخذ القويِّ له
وما لسنة رب الناس تبديل

تُرى ألامُ لإخراجي مَن ارتكسوا
خاب التدني وخاب السمتُ والجيل

لفظتهم من حياتي دونما خجل
وكيف يُرجعني عن ذاك تخجيل؟

إنِ استقاموا على الطريقة اعتدلوا
أواهُ كم يَنقصُ المُعْوَجَ تعديل

فسوف أفتح قلبي والديارَ لهم
وسوف يجمعُنا علمٌ وترتيل

وإن ربي - على ما قلتُ - مُقتدرٌ
وإن ربي - عن الرجْعى - لمسؤول

© 2024 - موقع الشعر