حوار مع جبل عرفات! بكاؤه من أحوال الناس) - أحمد علي سليمان

عرفاتُ - في ليل الجزيرة - يرتبكْ
والريحُ تخترق الغيوم ، وتشتبكْ

ودهى الجزيرة حزنه وعويله
وعلتْ صخورَ الشهم أقدامُ الحَمَك

يبكي صحابة (أحمدٍ) في لوعةٍ
وتأوهاتُ الدمع ليست تنبتك

دمعٌ على الإسلام ، كيف تطاولتْ
فيه الرذالة من شياطين الحُكُك؟

دمعٌ على التوحيد كيف تبدلتْ
أركانه في حاضرات المُعترك؟

دمعٌ على الإيمان كل دقيقةٍ
إنْ في الصباح أو المساء أو الغسَك

عرفاتُ أين سمونا وإباؤنا؟
بل أين دينُ الله؟ ماذا حل بك؟

إن الحقيقة في صخورك زايلت
حتى الظهور لعالم عشق الحَلك

عرفاتُ أين لوا الجهاد وجنده؟
وجحافلُ الإسلام لمّا تشترك

عرفاتُ أين المسلمون وعزهم؟
هيا أجنبي ، واتئد ، لا ترتبك

وجحافل الإسلام أين؟ وصولة
وشريعة تهدي الأنام ، لها نسُك؟

والخيلُ أين وفارسٌ ، وكتائبٌ
تئد الأعادي في غياهيب البرك؟

وغنائم الفرسان أين ، وفيؤهم؟
بل أين مجدٌ في الورى صعبُ الدرك؟

أين الأسارى بعد إثخان شهدْتَ
وغزوةٍ ، عبر المسالك والهَلك؟

أنا تائهٌ عبر التلال وحائرٌ
ومسربلٌ ، والقلبُ مبتئسٌ رَبك

ومدادُ أقلامي دمي وقريحتي
وقضيتُ ردحاً من حياتي في الزمَك

حتى إذا غلبتْ دموعي فكرتي
حبستْ حروفي في غيابات الحَنك

فأجابني عرفاتُ في صمت الضحى
تقصيرُكم أرسى حواليَّ الشرَك

فامش الهُوينى ، إن كل شجيرةٍ
زرعتْ هنالك تدعي بعض السكَك

وهي الكئيبة تنقل الآثار تم
عِن في التجرد والتباكي والدعَك

تربُ الجزيرة يشتكي بدع الورى
راحوا بغير جريرةٍ إلا النسُك

وكذا الذين أراك تسأل عنهمُ
ذهبوا ، وحل محلهم بعضُ البُكُك

إني أراك قتلت نفسك بالأسى
وأرى رفاقك قد تسلوْا بالضحك

هوِّن عليك ، فإن ربك ناصرٌ
دينَ الحنيفية في دهاليز العَكَك

فاذهب لشأنك ، واستعن يا صاحبي
بالله دعك من الجهالة والبَعَك

فالله ربك ناصر جند الهُدى
ما دار نجم في ثنيات الفلك

كفكفْ دموعك ، وامتثل لمقالتي
ثق بالذي رفع السما ذاتَ الحبك

إني عرفتك حافظاً أدب اللقا
تزن القريض ، كأنه بعضُ الفلك

وكذا عرفتك عالماً أدب الدعا
تدعو الإله ، وفيك أناتُ الحَشَك

فزد البكاءَ مع الدعاء ، فإنهُ
يُرضي المليك ، لكي تباهي بالمَلك

إن الجزيرة كالغنيمة تستغي
ث ، ولا مغيث من البلاء سوى الملِك

والله ربك ليس قط بغافل
عما جرى ، فلم التصايح والحَسَك؟

أنا منذ غاب النور عني دامعٌ
أشكو إلى المولى دموع المعترك

وأتابع الآنامَ ، أنظر ما أتوا
حول الخليفة كالغمام المؤترك

رباه عجِّلْ بالنجاة ، لقومنا
يغلي بقلبي الشوقُ ينبض يأترك

© 2024 - موقع الشعر