المخرج من دياجير التيه - أحمد علي سليمان

جيلٌ تمزقَ بين التيه والظلَم
ويَركنُ - اليوم - للإفلاس والعدَم

يهوى الضياع بلا داع ولا سبب
وغيرُه ساقهُ كالشاة والنعم

يختال إن شجّتِ الدنيا عزيمته
وليس يبكي على التوحيد والقيم

يبكي دماءً إذا ماتت مغنيّة
فذا يُشيّعها بالوجد والألم

وذاك في حسنها يتلو قصيدته
وتلك - في صوتها - تزيد في النغم

حاكَ الكِفارُ له أشقى مؤامرةٍ
لكي تكون له معيشة الغنم

أكلٌ وشربٌ وأحلامٌ محنطة
لكي يعيش سعيداً سادنُ الصنم

لعْبٌ ولهوٌ وأفلامٌ مسممة
لكي يسير الورى في حالك الظلم

نومٌ تقود له فوضى مفخخة
وأغنياتٌ تصيب القوم بالصمم

ثقافة خبثتْ في كل حاضرة
وقد أصابت شقيَ الناس بالبَكم

وكل فسق له - في الدار- شرذمة
تيهٌ يموجُ بنا في غاية السأم

كيف الخروج أيا جيلاً يعذبنا
ما يعتريه من الأوجاع والسقم؟

هذي الدياجير أردتنا شراستُها
حتى ابتلينا بهذا المأزق العرم

ويهدمُ التيه ما نبنيه من أسُس
عمداً ، ويذهبُ بالخيرات والنعم

أين الطريق ، وقد عمت بنا لجَجٌ؟
وكيف نسعى ، وهذا الغل في القدم؟

كيف المسير ، ولا بُشرى تلوحُ لنا؟
وقد بعُدنا عن الغايات والقِمم

مَن يزرع الشيح يغرقْ في مرارته
ومن يزرّ الشقا - في الكون - ينهزم

جيلٌ تمرغ في أوحال خيبته
وتوّجَ الأملَ المنشود بالأكم

وظاهرَ الزيف ، واستجدى براثنه
ولم تراودْه - يوماً - وخزة الندم

تُراه يُفلح إن آل القيادُ له؟
وهل لأبكمَ بعضُ القول والكلم؟

تُراه يُصلح ما في الناس من سفهٍ؟
تُراه يحقن للإسلام بعض دم؟

تُراه يقمع ما في الخلق من شبَهٍ؟
وهل سيدحض ما فيهم من التهم؟

تُراه يُخمد نيراناً تحرّقنا؟
وهل يصد العِدا بالسيف والقلم؟

إن الخروج لمَيسورٌ لسالكهِ
مهما جثا الجيلُ في إغوائه العَمم

مهما تعقب أهلُ البغي صحوتنا
مهما استعانوا بكيدٍ ضارب القدم

مهما علت - في الدنا - أصواتُ باطلهم
مهما استهانوا بوحي الله والحُرُم

مهما استطالوا ضحىً في الأرض وارتكبوا
أعتى الفواحش في غل وفي وَضَم

فسوف نسحقهم في كل معتركٍ
نذيقهم صولة الإحسان والسلم

يا موكب الكفر في أصقاع أمتنا
يا ذل رهطك بالرمح التقي رُمِي

فقطع الرمحُ شرياناً يُسمّنكم
وعاد غض الثنايا في يمين كمي

يوماً سندفع للتدمير موكبكم
وسوف نعلنها: إن الوطيس حَمِي

خروجنا من سراب التيه موعدُنا
وعزمُنا قائمٌ فينا على دِعَم

إن الخروج من القرآن مبدأه
كالبدر في طوره المستعطر التمم

واللهُ ناصرُ من لدينه غضبوا
وربُنا خير قهار ومنتقم

© 2024 - موقع الشعر