المخرج من عنق الزجاجة - أحمد علي سليمان

هاجتِ الأشجان في قلب قصيدي
فإذا أوزانُ شعري كالقيودِ

وقوافي الشعر أدماها سُهادي
فإذا الإيحاءُ كالطيف الشريد

وإذا بالدمع محبوسٌ بلفظي
يذبحُ البسمة في جوف قصيدي

وإذا الإحساسُ في الأنات جاثٍ
يشتكي اللوعة ، لم يخش وعيدي

فارسَ الخير أحقٌ ما سمعنا؟
أم هُراءاتٌ بأفواه العبيد؟

أصحيحٌ أنك – اليوم – تعاني؟
وتقاسي من أباطيل الحَقود؟

أيها الأقوام زورٌ ما افتريتم
وسخافاتٌ كتخييل القرود

صاحبُ التوحيد يا قومي برئٌ
من زيوفٍ صغتموها كالحصيد

ادرسوا الفكرة كُلاً لا اجتزاءً
واطرحوا هزل الكسالى للخمود

واقتلوا الفتنة هذي في قرانا
لا تزيدوا النار عمداً بالوقود

نفخ الدهقانُ في الجيل سُموماً
فاستساغوها وجدّوا في الصدود

ثم للنفخة يا كَم من ضحايا
كم لسُم الصِل من طفل وئيد

لم يكن يعرف في الإسلام شيئاً
ثم كان البدءُ تشييدَ السدود

بينه والنور سدٌ خلفَ سدٍ
ويعيش – اليوم – في غي شديد

لم يكن يقرأ – في الحق - مقالاً
لا ، ولم يعمل بتلقين الجدود

ويرى في نفسه العالِم حقاً
(طبريَ) الجيل فقهاً و(الزبيدي)

ويرى في ذاته الشاعر صدقاً
لا يُساوي قوله قولُ لبيد

فاق أهل العلم علماً واجتهاداً
ضالعٌ في الفقه والفكر التليد

هو يَنبوعُ الوصايا في البرايا
وسليلُ المجد في الحشد القعيد

ظنه هذا خيالٌ ، ليس إلا
وغلا ، لم ينتصحْ ، يا للعنيد

بثه في رُوعه غِرٌ جهولٌ
وغدا – بين يديه - كالمُريد

زندقَ الأعلام ، واجتاحَ البرايا
واستباحَ العِرض بالجهد الجهيد

ثم وامتدتْ يراعاتٌ تداجي
تخمِش الجرحَ بأحشاء الشهيد

وكتاباتٌ يصب الزور فيها
تملأ الرحب استسِيغتْ كالثريد

لم تدع مَن مات أو مَن كان حيا
وأراها لم تخفْ يوم الوعيد

أيها الشهمُ: هشيمٌ دعك منهُ
أنت شمسٌ ، والعِدا بعضُ جليد

هل بقاءٌ لجليدٍ عند شمس؟
وهنوا ، والشهمُ كالطود العتيد

لا تفكّر ، خلفك – اليوم - رجالٌ
يُرجعون الحق يزهو من جديد

زادُهم توحيدُ ربي والوصايا
وكذا في الليل تطويلُ السجود

وعدوك – اليوم – ألا يستكينوا
وعلى الأبرار إنجاز الوعود

إنْ يكن عنك كتابٌ لفقوهُ
زيّفوا فيه ، وزادوا في البنود

وافتروا زوراً وبُهتاناً عظيماً
وتمادى الجمعُ في الظلم الأكيد

ثم ساروا – في المتاهات - جميعاً
كي يُبيدوا النجم في قلب الوجود

وأراهم سطروا عنك الخطايا
ولهم في الكيد عزمٌ كالحديد

إنهم عن كل خير فيكَ حادوا
ولهم في إفكهم بأسُ الرعود

إن تكن أخطأت ، ما منا ملاكٌ
ما خلا من زلةٍ أيّ وليد

ثم عنك اليوم تسعون كتاباً
أزجتِ الحق بأقلام الجنود

إنهم جُندُ الهُدى في كل صُقع
وحُماة الحق في كل صعيد

ثم هذي كُتْبهم في كل وادٍ
تظهر النور بتدليل سديد

ليس في أفكارها أدنى شكوكٍ
ثم لا تسعى لإرضاء الحقود

مبدأ التبيان موفورٌ لديها
زادُها التقوى بعز وصمود

لم يسطرها هباءً كاتبوها
لم تكن من أجل تحصيل النقود

كتبتْ في الحق ، والحق مَداها
زانها السبكُ كترجيع النشيد

وأرى القراء في النقد نسوراً
والطموحاتُ تنادي من بعيد

كل نبراس له العلم طريقٌ
ما لعزم الشهم كلا من حدود

عنده التحقيقُ منهاجٌ قويمٌ
إنه يخشى مغبّاتِ اللحود

يكشفُ الزيفَ من الحق هُمامٌ
ويُرى – في غيه – كل بليد

وعميلُ الدرب ترديه البلايا
ليس يعلو ، لا يرى ظل القيود

والنفاق اليوم في الخلق كثيرٌ
والمراؤون تمادَوْا في الشرود

كم تباع – اليوم – للشر نوايا
زهِدوا فيها لدينار زهيد

ما قرأتم يا خزايا آي هودٍ
ما اعتبرتم بهُدى الذكر المجيد

اهجروا التلفيق هذا واستقيموا
واقرأوا التاريخ بالقلب الرشيد

وانظروا ماذا جنى كل عميل
وانظروا أهوال خوّان العهود

واتركوا من تاب لله ، فهذا
حقه ، والله يجزي بالمزيد

ترك الذنب ملياً دون عودٍ
باكيَ العينين ، مُلتاعَ الخدود

واتركوا من أقلعتْ ثم استقامتْ
واستجابتْ لندا الرب الحميد

طرحتْ كل الخطايا خلف ظهر
فإذا – في قلبها – حب الودود

مَجّتِ الدعر ، وردتْ مَن أتاها
يدفع (المليون) من وسْط الشهود

ثم قالت: قعرُ بيتي فيه عِزي
وليَ التوحيدُ كالقصر المشيد

وتصوم النفل ، والذكر صداها
تقرأ الآيات بالصوت الوجيد

والأحاديث تزكّي مقلتيها
وسنا القرآن يجري في الوريد

إيه يا (شمسُ) وأنت اليوم شمسٌ
أتحفي النسوان بالعَوْد السعيد

وانشري النور ، ولا تخشي سراباً
لقنينا الدرس عذباً كالورود

ذكّرينا بالصحابيات دوماً
واغمرينا بيواقيت الرشيد

كم دعوتُ الله أن يهدي خلقاً
في ضلال الناس كانوا كالأسود

واستجيبتْ دعوتي فالبعض عادوا
ثم من تابوا لهم دارُ الخلود

مَن يتبْ يغفرْ له ما قد جناهُ
ثم يحيا بعدها مثلَ الوليد

© 2024 - موقع الشعر