السمهري اليماني في نحر الأغاني للأصفهاني - أحمد علي سليمان

أليس الإفكُ مكسورَ الجناح؟
لماذا حاز فحوى الامتداح؟

لماذا الزيف تُطريه البرايا؟
فهل ليل الخليقة كالصباح؟

لماذا صُدّق الكذابُ جهراً
وعنه اليومَ ألسنة تُلاحي؟

(أبو الفرج) اعتلى متن (الأغاني)
ويُرعِد بالأسنة والصحاف

ويُشهر زيفه سيفاً مُبيراً
ويحمي الرافضية بالرماح

ويلعب بالحقائق ، لا يبالي
ويُطري الزور بالقلم الوَقاح

ويتخذ المزاح له سبيلاً
فهل حقٌ يُبَلغ بالمزاح؟

ويطعن - في الثوابت - في مقال
وأحياناً يَضيق بالاصطلاح

ويَجترُّ الأحاجيَ في اصطبار
ليضرب هيبة الحق الصراح

ويَخترع البراءة في نَواح
ويُوغل - في التنسّك - في نَواح

ويَصطنع التعفف عند قوم
ويُوهم آخرين بالانفتاح

لذا خرج الكتابُ بلا رصيد
من الصدق المُبطن بالصلاح

وإن جعل النكاتِ - له - وشاحاً
فتعساً - للتندّر - مِن وشاح

وفيه - مِن التهتك - مُنتهاهُ
وكم - فيهِ - من الكذب البَواح

وأسماه (الأغاني) مستخفاً
فهل أضحى الترنم بالمباح؟

وضمنه الخُلاعة والخطايا
بألفاظِ الدّعارة والسفاح

وأطلق للهوى أشقى عنان
ولم يكبحْه - لو - بعض الجماح

وعربدَ - في الكتاب - بلا حياءٍ
وأغرى الناسَ بالخمر المُطاح

وحرّفَ في النقول ، بلا اكتراثٍ
فلم يحو الكتاب مِن الصحاح

وإن صحّت ، فلم تُسند بتاتاً
كمثل الطير عاش بلا جناح

هل الكذابُ يَصْدقُ في حديث؟
وهل تصديقه بالمُستماح؟

أبو الفرج التخرصُ مبتغاهُ
وعاش - بإفكه - طلقَ السراح

له - في الزور - مدرسة ورأيٌ
وفي التحريف بعضُ خطىً فساح

لماذا اليوم بات له اعتبارٌ
ويَلقى إفكه كل النجاح؟

لماذا نرتضي التشكيك نهجاً؟
أفي التشكيك بارقة الفلاح؟

ينال - من الشريعة - دون حق
ويخمش ما تشافى من جراح

وينتقصُ الخلائفَ مستهيناً
وكلٌ كان كالقمر اللياح

هو الخمّارُ ، خمرته شعارٌ
يُعاقرُ في الغدوّ ، وفي الرواح

هو اللوطيُّ ، يُعجبُه غلامٌ
يُراوده ليظفر بالنكاح

ويُتقن جاهداً وصفَ الصبايا
بما في القلب من عِشق ، وراح

كمن قد عاصروه ، بلا اختلافٍ
بألفاظٍ بليغاتٍ فِصاح

إلى أن ملّه الناسُ احتساباً
فما - في وصفه - مِن مستراح

وبعض الناس قاطعه اتقاءً
وخوفاً مِن أذاه والافتضاح

لأن الناس تهوى كل شهم
وما للشهم في وصف الملاح

وما للشهم في كيل المَخازي
لتصبح - في النكاية - كالسلاح

وما للشهم في تجريح قوم
عُدول ذللوا سبل الفلاح

وليس الشهم يمتدح الأغاني
وليسَ له - بها - أدنى طِماح

© 2024 - موقع الشعر