الزوجة الثانية نعمة لا نقمة - معارضة لتزوجتُ اثنتين - أحمد علي سليمان

تزوجْتُ اثنتين لفرط علمي
بما يهنا به زوجُ اثنتينِ

فقلتُ: أعيش بينهما أميراً
يُكرّم بين أسخى حُرّتين

لهُ في كل مملكةٍ رعايا
وشمسُ العز بين الخافقين

مَهيبَ الجاه ، محبورَ السجايا
له ثغرٌ تلألأ كاللجَين

بهيَ العزم ، وضاءَ المُحَيا
سعيدَ الحال بين الزوجتين

شباباً عُدتُ بعد الشيب صدقاً
وودعتُ الكهولة مرتين

وزار الحبُ بعد الهجر قلبي
وزغرد للأماني ضوءُ عيني

وأحببتُ الحياة لما ألاقي
وزايلتُ النوى ، ووأدتُ بيني

وأدركتُ المقاصد بعد حِين
وجاهدتُ الأسى ، وطعنتُ حَيْني

وأعطيتُ الأنام لبابَ نصحي
أوَفي بالوصايا بعضَ ديني

وبيّنتُ الحقيقة للبرايا
وأمسى مُستبيناً كل زين

إذا ما كنتُ ضيفاً عند هذي
فلستُ أرى مليّا أي شين

تُسائل عن رفيقتها فؤادي
وما في قلبها مِن ظل رَين

ومقرونٌ رضاها بابتسامي
وروحي عُلقتْ بالمُهجتين

ثلاثتنا تحاببنا جميعاً
وزادُ الكل بعضُ الأسودين

وألفَ بيننا قرآنُ ربي
فقد أزكى زهاء الوردتين

وكنتُ مشرّداً فالتمَّ شمْلي
ورب الناس أصلح ذات بيني

تساميْنا عن الدنيا فقالوا
مَكينٌ ذاك فوق القمّتين

فقلتُ: ألا صدقتم ، ذاك أمري
وأحمل للشقا الرمحَ الرُديني

كأني نحلة تُضْحِي وتُمْسِي
تَداوَلُ بين أحلى زهرتين

فتمتصُ الرحيق بلا عناءٍ
وتشرب سلسبيل الجدولين

وتغدو غضة ، وتعود نشوى
نماءٌ دائمٌ في الرحلتين

وتبدأ رحلة المسعى مِراراً
وإن ملتْ تعيد الكرتين

وتُخرجُ للورى أحلى شفاءٍ
وتُفعم بالحُبور الضرتين

لهذي ليلة ، ولتلك أخرى
نعيمٌ زاخرٌ في الليلتين

وللأولى مقامٌ لا يبارى
رفيعُ القدر ، عند الفرقدين

وللأخرى حقوقٌ وفق شرع
أؤديها على رأسي وعيني

لهذي حُلة ، ولتلك أخرى
يُحِيرُ العقلَ حسنُ الحُلتين

لهذي قلة ، ولتلك أخرى
لأشرب مِن طهور القلتين

لهذي أكلة ، ولتلك أخرى
وأصحبُ للقاء شهيتين

فلي بين الأنام رطيبُ عيش
ولي بيتان مثلُ الجنتين

ففي البيتين جُبتُ العلم حتى
بلغتُ اليوم آفاق الجويني

ولكنْ جيمُه طمستْ ليرقى
خطيباً في الورى لقبُ الحُويني

فمِن بلدٍ إلى بلدٍ فقيهاً
بأرض العُرب والأمريكتين

ومِن صُقع إلى صُقع رحيلٌ
يُعيد على الدنا ذكرى الرديني

ومِن مِصرٍ إلى باريسَ يبغي
هُدى الدنيا ، أو احدى الحُسْنيين

ومِن (عمّان) للصومال يدعو
ومِن (نيقوسيا) حتى البُوَين

ومن (طنطا) إلى الحرمين سعياً
(أبو إسحاق) فذٌ ك (بُنين)

وأحسِبه كذلك ، لا أزكي
وسِيرته كسيرة ذي البطين

يقود الجيش ، لا يخشى المَنايا
وسيفُ العلم يبرق كاللجين

له تقوى عليٍّ والمُثنى
وحِلم أبي عبيدة والحُسين

يُذكّر بالحنيفة كل حي
ولا يخشى أذى صِلٍّ وعَين

فإن أحببت أن تحيا سعيداً
مِن الخيرات مملوء اليدين

وتُدرك مُلك ذي القرنين شهماً
شجاعاً ، ثم مُلك الحارثين

ومُلك الفرس والروم عزيزاً
وملك المُنذرَين وذي رعين

فعش زوجاً لواحدةٍ ، فإن لم
تُعِزّك فاتخذ لك زوجتين

وحققْ في المعيشة كل عدل
لتملك في ديارك جحفلين

فمِن هذي لك الأولادُ تترى
ومِن هذي رزقت بإبنتين

لك الأولادُ في الهَدي ليوثاً
وأمست إبنتاك كدُرتين

فإن لم تستطع صمْ ، لا تعربدْ
تنلْ يا عف أجر السُنتين

وإنْ أغناك ربُك لا تسوفْ
ولا تكُ كرهين المَحبسين

فتعشقُ عُزبة ، وتعيش فرداً
وأقبحْ بهما مِن خصلتين

تساوى عنده ظلٌ وزوجٌ
وهيهات التِقا المتناقِضين

فعاش (أبو العلاء) لذا وحيداً
بفتيا لا تساوي درهمين

وقرآن المليك بدا بمَثنى
لماذا الخوف مِن جمع اثنتين؟

وآياتُ (النسا) لك شاهداتٌ
تُطالعها كثيراً كل عين

وأقوال النبي وما أتاه
تُكذب ما افترى المستشرقَيْن

وعدّد أنبياءُ الله ، فاقرأ
وبعض الصحب ، فوق المرأتين

أئنْ زل اختيارك في الولايا
تقولُ: أذل ربي النعجتين؟

تعيب الدين؟ بل أنت مَعيبٌ
فأقصر يا عشيق الذئبتين

وليس العيبُ في الإسلام قطعاً
ولكنْ عيب زوج الحيتين

ألستَ ترى بقولي بعض حق
بمدح العيش وسط الضرتين؟

أجبني الآن عن سؤلي ، أجبني
وصارحني ، وبينك ذا وبيني

© 2024 - موقع الشعر