الخوف - أرجوزة شعرية - أحمد علي سليمان

عذاباتٌ تحوّلني سَرابا
وتغرسُ في سنا قلبي الحِرابا

وأشربُها فتكوي أمنياتي
وتوغِل في شرايين حياتي

وآلامٌ تفتتُ فجر عمري
وترسم صورة كَلمى بشعري

وآمالٌ مبعثرة تناءتْ
وألبابٌ على ذلي تلاقتْ

وأنغامٌ تسطرني رمادا
وفي الأنات سامرُها تمادى

على غبني قد اجتمعتْ ذئابُ
وكم شجّوا مخالفتي وعابوا

وآهاتٌ تخمّش في الحنايا
ودمعُ العين تصفعُه المنايا

وأحزانٌ برتْ فحوى فؤادي
وزادتْ من دياجير سُهادي

وأصحابٌ شقيتُ بهم كثيرا
وكم كان الرحيل بهم مريرا

وقد خانوا الشريعة والرفاقا
لذا سبكوا التنطع والنفاقا

وأحوالٌ لها الروحُ تعاني
وتنتحرُ المشاعرُ والأماني

وأشجانٌ تحَطم فيّ أنسي
وتحفرُ في جحيم الصمت رمسي

وتحمِلني على النعش مُسجىً
ومِن ألم المرار العزمُ ضجا

وألمحُ من ظلام العيش طيفاً
يحِنّ عليّ ثم يمُد كفا

فأزجُره وعِزي فوق صوتي
أقول له لقد أختار موتي

ولا أحيا كما يحيا الشياهُ
ومَن فيهم تعلمنتِ الجباهُ

أقرّعه وداعاً يا صديقي
فماضي العُمْر بددهُ شروقي

وساءلتُ الضمير فقال: هذا
بما كسبتْ يداك وبعدُ ماذا؟

فقلتُ الله غفارُ الذنوبِ
وربي البرُ ستار العُيوبِ

وقد أسرفتُ ما جادلتُ كلا
ومن عِظم الذنوب القلبُ مَلا

ولكنّ المليك بنا رحيمُ
ومَن بالسر والنجوى عليمُ

ودنيانا طغتْ دهراً علينا
فغشتنا وللتيه انتهينا

كأن التيه فوق الرأس تلُ
وشوقي للحياة به يُمَلُ

صراعٌ والشقاءُ به شديدُ
وقلبي في دجى البلوى شريدُ

ذنوبي فوق رأسي كالجبالِ
ودمّرني التهوّكُ في الجدالِ

وفاض الخوفُ واهتاج الحنينُ
وأجأرُ للمليك ولي أنينُ

أخاف اليوم من وخذ الجراحِ
وليس يعيد ما ولى نواحي

وحالي الآن مبتئسٌ مريضُ
ولومي للبليات بغيضُ

وما لي في الرزايا من حِراكِ
وغابت كل ألوان الفكاكِ

وأخشى أن أكون فقدتُ رشدي
وأعياني الركونُ إلى التردي

سِهامُ الخوف فوقي شاخصاتُ
ونار الخوف أشعلها الشِماتُ

وأطمَعُ أن يزيد الخوفُ حرصي
ولي قدرٌ يحاسبني ويحصي

وعفوك يا إلهَ الناس أرجو
وآملُ - لو من الخسران - أنجو

© 2024 - موقع الشعر