التربية كلها في القرآن - أحمد علي سليمان

برغم أنفكَ للعقيدة الغلبُ
والأرضُ تشهدُ ، والأجيالُ ، والحِقبُ

والدين مهما طغى أعداؤه وبغوْا
فالنصر رغم العِدا والكيد مرتقب

كم من مكائدَ أحنى الدينُ هامتَها
وهدّ أصحابَها الإذلالُ والوَدب

وكم طوى من أباطيل ملفقةٍ
وكم تتبع مَن زاغوا ومَن هربوا

وكم تعقب مَن عابوا طريقته
والعُدّة الرمحُ والحُسامُ واليَلَب

ألا وإنّ رحى التاريخ دائرة
وكم روتْ للورى من باطل كتب

وكم تصدى لنصر الحق مِن بطل
قاد الجحافل ذاك الفارسُ الضرب

لم يدخرْ حُجة تُزْكي مناظرة
إلا وجاد بها ، فالخصم محترب

فما تقاعس عن دَور أنيط به
ولم تُخِفه القنا ، كلا ، ولا القُضُب

أعداؤه رصدوا ما يُستعان به
في كل خندمةٍ ، والشهمُ محتسب

أمامه القومُ قد زاغت بصائرُهم
والزيفُ جندلهم والشكُّ والرِّيب

والعبقري إلى ركن العزيز أوى
لأن صاحبنا التقوى له سَببُ

لم يكترث بالذي عليه قد عزموا
إذ إنه بعُرى الإيمان يَختضب

وخاض مِن جحفل الأعداء مَن شقيتْ
به المسامعُ ، فالميزان منقلب

ماذا نؤمّل مِن عدوِّ ملتنا
غير الأراجيف يُلقيها فتلتهب؟

قد جاء ظلماً وزوراً ، خاب مِن قذر
وبين شدقيْهِ مما يَفتري لهب

رمى بفريته القرآن في صلفٍ
ثم استبد به الغرورُ والغَضب

يقول: ما في كتاب الله تربيةٌ
خاب السفيهُ المَعيب الأشيَبُ الخَرِب

ومن وقاحته يُعيد كِذبته
على الجميع مراراً ، ثم ينسحب

فجادلوه ، فزادوا مِن تبجحه
فأطرقوا ساعةً كأنهم خُشُب

ألا يفكر فيما قاله عَجلاً؟
ما في الذي قاله علمٌ ولا أدب

ألا يتوب إلى الرحمن خالقه
إن كان حقاً إلى الإسلام ينتسب؟

ألا يُراجع نفساً سوف توبقُه؟
ألا يخاف فيفري قلبَه الرَّهَب؟

ألا يؤنبه ضميرُ منطقه؟
أم أفسدته رحى الأهواء واللعب؟

كتاب ربكَ فيه الخير أجمعه
والعلم للذكر إن طالعته لقب

لم التجني على القرآن دون حيا؟
وإن عُقباه ذلٌّ بعده تَبب

فتُب إلى الله مِن ذنب بُليت به
فإن فعلتَ فقد أديتَ ما يجب

وإن تلاعبتَ فالجبارُ منتقمٌ
واللهُ يقبلُ عبداً منه يقترب

© 2024 - موقع الشعر