البَدرُ ليلة التمام! - أحمد علي سليمان

تضمّخ بالأسى بدرُ التمامِ
فضاعت في الدجى فحوى الكلامِ

ألا يا بدر: صبراً ، واحتساباً
ولا تحفل بهاتيك الطوام

لقد غدر الوشاة ، ولم يبالوا
وقد نهبوا أحاسيس العوام

أما قالوا: سنلوي كل غر
ونزرع ثورة عبر الطغام

وقد خدعوا هنا كل البرايا
وغَر نفاقهم بعضَ الأنام

بضاعتهم لها قومٌ وسوقٌ
وأموالٌ تؤدى في الحرام

وأتباع لهم في كل وادٍ
تروِّج للبضاعة ، والركام

وسادنُ دربهم نفخ البلايا
وقال: بأنهم خير الأنام

يحقق ليله ونهارهُ ، لم
يذق بالليل طعماً من منام

وينقض غزله بمرور دهر
ويمطر غيره برحى السهام

عجيبٌ منك ما تأتيه حقاً
وأعجب منه جمهرة النيام

مَن اتخذوا مِن المخلوق رباً
وأصبح ودّه خير المَرام

يُحرِّم تارة ، ويُحلّ أخرى
ويضرب في سراديب الظلام

ويطعن مَن يُصحح ما افتراهُ
ويُمعن في دهاليز الخصام

لكُم يا أيها الأقوام دربٌ
ولي دربٌ على مَر الدوام

فلا ألقاكمُ تهذون عندي
بما في النفس من قيح الضرام

وحسبي أنني فيكم غريبٌ
كمثل الدُر في جوف الرغام

يراعي في الحقيقة لا يحابي
شديد البأس ، عاتٍ كالحسام

ونور البدر يسري في قريضي
أسيفُ الصوت يسري كالغمام

أحاسيسي - بهذا الشعر - تزهو
وتكْبر فيه عاماً بعد عام

تعابيري على القرطاس خجلى
فتاة تلك مائسة القوام

مشاعرُ جَمَّة ، ولها احتفالٌ
وإن الشعر أغنية الغرام

أقوِّم بالقريض عَوار قومي
ولا أخشى أباطيل الهَوام

عواطفُ ثورةٍ بالقلب عَجْلى
وفاقت في السنا بدر التمام

© 2024 - موقع الشعر