أردتُ زيداً وأرد الله عَمْراً! - أحمد علي سليمان

لمّا درستُ سباني الشرعُ والأدبُ
والشرعُ أثمنُ ما يُرجى ويُطلبُ

قرأتُ مُشتاقة لمَا أطالعُه
فناولتني هُدَىً ما تحتوي الكتب

قرأتُ أرجو - مِن المولى - هدايته
حتى تزولَ بها الشكوكُ والرّيَب

قرأتُ أبحث عما كنتُ أنشدُه
وصدّني عنه ما قد عِشتُ أرتكب

قرأتُ أطلبُ في الظلماء دربَ هدى
يهدي إلى الرُشْد مَن أودى بها التبب

قرأتُ ألتمسُ الأنوارَ في شغفٍ
ولي فؤادٌ حريصٌ مُشفقٌ حَدِب

قرأتُ أسعى - إلى الخيرات - عازمة
على القيام بتنفيذ الذي يجب

قرأتُ يُسعفني اشتياقُ ذاكرتي
لمَا أعاينُ ، نعم العلم والأدب

كأنني لم أطالعْ آية أبداً
أو أنني لم - أكن للسِلم - أنتسب

أسيرة كنتُ - للأهواء - أعشقها
وعشتُ دهراً - إلى التغريب - أنجذب

وعشتُ أسعى وراء الوهم طائعة
حتى كواني الأسى وعَضني النصب

وكم بحثتُ عن الأوزار دون حيا
حتى احتواني الضنا ، وهزني الوَدَب

وكم بذلتُ - إلى الآثام - من سَبب
ولم يخنّي إلى ما أشتهي سَبب

وكم مَددتُ يدي لكل فاحشةٍ
وللشياطين كان النصرُ والغلب

وكم صحِبتُ إلى - الذنوب - شرذمة
مِن الصعاليك بئسَ الرّبعُ والعُصُب

وكم سلكتُ - إلى الضياع - مِن سُبل
حتى اعتراني البلاءُ المُرّ والنوَب

وما احترمتُ قراباتي وعائلتي
والأم ماتت ، وعني غاب – قبلُ - أب

وما ارتدعتُ بعُرفٍ مِن قبيلتنا
ولم يكنْ زاجراً دينٌ ولا أدب

شريدة كنت في بيداء كارثتي
ولم يَزرْ خاطري خوفٌ ولا رَهب

حتى قرأتُ كتابَ الله ، فانقشعتْ
سحائبُ القهر ، والتضليلُ والتعب

أحسستُ أني - عن التقوى - مُغيّبة
لذا أغصّ بآلامي ، وأضطرب

أردتُ (زيداً) بتخطيطي وتجربتي
وكان (عَمْروٌ) نصيبي ، حبذا القُرَب

وانصعتُ للأمر في ذل وفي كدر
كأن أحرفه الأسيافُ واليَلب

ورغم أني أطعتُ الناس مُذعنة
وجدتُني - بدموع العين - أختضب

وهز قلبي - مِن الأعماق - موعظة
قد خطها جهبذ - في الله - مُحتسب

ونوّر الوحيُّ إحساسي وعاطفتي
مِن بعد أن كنتُ - عن ضياه - أحتجب

وبيّضَ الوجهَ ترتيلٌ صدحتُ به
أنا التي كنتُ هذا الذكرَ أجتنب

واستعذبتْ عزمتي آياتِ خالقِها
وسُرّ عقلي بها ، والعِرْقُ والعَصَب

واستقرأتْ همتي ما كان ينقصُها
وفي البصيرة دبّ النورُ واللبب

والصدقُ جمّلَ ما أحياه مِن مِنح
مِن بعد أن رحل التدليسُ والكذب

واستبشرتْ بالتقى لتوّها أمَة
منها تعجبتُ حتى لامني العَجَب

واستقبلتْ أمرَها نفسٌ مُعذبة
تبكي على حالها دوماً ، وتحتسِب

واستكثرتْ مِن فِعال الخير مُوقنة
أن المليك سيجزي مَن له قُرُب

وأعلنتْ مِن جميع الإثم توبتها
إن المثوبة نعم القصدُ والطلب

© 2024 - موقع الشعر