ابن مماتي مؤرخ صعيدي! - أحمد علي سليمان

كم أنبتتْ فذاً ديارُ صعيدي
ومراجعُ التاريخ بعضُ شُهودي

كم قدمتْ - للعالمين - خيورَها
وعطاءها ، ولكم أتتْ بجديد

في كل حقل كم لهم من نخبة
ظهرت بجهد طيب محمود

وتفردتْ في علمها وجُهودها
أرأيت أفضل من علوم الصِيد؟

في الطب والتطبيب أبدعَ بعضهم
فاذكرْ لهم - في الطب - خيرَ جُهود

والبعضُ أبدع في البناء ورَصّه
من كل قصر - في البلاد - مشيد

والبعضُ في الصحراء أنفق عمره
وأقام صرح علومه في البيد

والبعضُ في الآداب صاغ فنونها
من كل مشكور العطا صِنديد

ومن الصعيد أشاوسٌ وأماجدٌ
وكأن ذا الأمجاد كل صعيدي

وارجعْ إلى التاريخ ، واسبرْ غورَه
لتراهمُ للحق خيرَ جُنود

لتراهمُ أهلاً لكل فضيلةٍ
سادت ، ورأي في الأمور سديد

لم يقبلوا ضيماً يسربلُ همّة
لا يستسيغ الضيمَ غيرُ عبيد

لم يخضعوا لمن استباح إباءهم
وغزا الديارَ بجحفل وقيود

لم يركنوا يوماً لمن ظلم الورى
من كل نذل ساقطٍ رعديد

لم يرتضوا التغريبَ يُخربُ دارهم
وسواهمُ يهفو لبعض مزيد

ومعاجمُ التاريخ أصدقُ شاهدٍ
ونصوصُها تأتيك بالتوكيد

وابن المماتي جهبذ ومؤرّخ
وافى بعِلم في البيان رشيد

تبع الهُدى من بعد نصرانيةٍ
ومضى يدينُ لربه المعبود

وأتى إلى الإسلام ينهلُ راغباً
مِن علمه وجماله المشهود

ترك الصليبَ ومَن يدينُ بدينه
وأبوه تابعه وكل وليد

وتبخترتْ (أسيوط) فخراً بالألى
قد أسلموا ، فاليوم يوم العيد

وابن المهذب خصّ مصر بعِلمه
وبُحوثه كالعالمين الصِّيد

صاغ (القوانين) التي هي دُرّة
تمحو الدجى من درب كل مُريد

ولذا كتبتُ قصيدتي مُتفاخراً
أهديه عذب مَفاخري وقصدي

هذا (صلاح الدين) قلده العُلا
وحَباه كل دَعائم التأييد

ثقة بما عند الهمام من الوفا
أعطاه كل مكاسب ونقود

ديوانُ أموال يكونُ أميرَه
وعلى الأمير أتتْ جميعُ وفود

كلٌّ له في مال (أسعدَ) حصة
بالحق لا بتفضل أو جُود

لله درّ (ابن المماتي) ، إنه
وفّى بجهدٍ - في الحياة - جهيد

لم يتخذ هذي الوظيفة مَغنماً
ليبوء منه الشعب بالتعبيد

لم ينهب الثرواتِ تملأ خزنة
ليبوء منه الخلق بالتشريد

لكنه أدى الأمانة مُنصِفاً
فارحمْ مليكَ الناس خيرَ فقيد

© 2024 - موقع الشعر