الأطـلال اليمنيـة 1 (معارضة لأطلال إبراهيم ناجي) - أحمد علي سليمان

يا فؤادي رَحِمَ اللهُ الهوى
هذه أطلاله تشكو النوى

بات حُبي ضائعاً مُسْتهجناً
وإلى ماضيهِ مُلتاعاً أوى

كيف أنسى غادة مِن صدقها
بادلتْني الحُبَ في يُسر وضِيق؟

قلبُها لم يعرفِ الخذلَ ولا
تركتْني في مَجاهيل الطريق

عاهدتْني أنني يوماً لها
خيرُ زوج بيننا عهدٌ وثيق

أنسِيتْ ما بيننا ، يا للأسى
وأنا أبكي فؤاداً جُرحا

وألوكُ الوَجدَ وحدي مُكْرَهاً
في مَسائي ونهاري والضحى

عاشقٌ تطحنُه آلامُه
عكْسَ تيار الأماني سَبَحا

أين مِن عيني غزالٌ شاردٌ
في مَغاني الأرض تُشجيه الظباءْ؟

ليس يرضى لي معاناة الهوى
إنما يحملُ عن قلبي العناء

طيبُ القلب عطوفٌ مُشفقٌ
مُخبتُ النفس يُحليه النقاء

وظريفُ الروح في أحواله
ألمعيُ الفهم مُحتدُ الذكاء

أين مِني قلبُ مَن باعت غدي
لغريم مالُه أودى بنا؟

اشترى الحُسنَ بمال وافر
باسطاً كفَ غني بالهنا

لم أكنْ وحدي أقاسي جُودَه
إنما أنتِ تجرّعت العنا

نحن الاثنان قتِلنا غِيلة
وعلى المَولى جَزا مَن غالنا

يا حبيباً يمنياً حُبهُ
كان يجري في شرايين دمي

لك قدمتُ أحاسيسي التي
جَمّلتْ ذاتي ، وزادتْ ألمي

هذه (صنعاءُ) تبكي ما جرى
و(المُكَلا) دمعُها كالدِيَم

إن هذا الأمرَ لا نشهدُه
ليس في العُرْب ، ولا في العجم

أعطني يا حُبَ قلبي فرصة
علّ حظاً طيباً يسعى إليا

علني آتي بمال يا حبيبي
ربما أصبحتُ مِن فقر غنيا

واعذريني إن تجاوزتُ المُنى
أو غدا حُبي خيالاً نرجسيا

يا حبيبي لم يشأ رب السماءْ
أن نُرى زوجين من تحت الخِباءْ

هذه أطلالُ حب لم يدمْ
وعليها يَغلبُ العينَ البكاء

فاسعدي بالعيش معْ زوج أتى
زارعاً بين الحبيبين الجفاء

لا تقولي: حظنا اخترناه ، لا
إنما ربُ السما والأرض شاء

مناسبة القصيدة

(أعجبَ ذلك العاشقُ اليمنيُ بفتاةٍ يمنيةٍ حَشيمةٍ أديبةٍ فقيرةٍ للغاية! تعيشُ في (صنعاء) وتعيش قبيلتها في (المُكَلا)! فأخبر أمه أن تذهب إلى أمها ، وتتفق معها على الخِطبة مَبدئياً ، وذلك ليعرفَ إن كانت الفتاة ترغبه زوجاً أم لا! وعادتِ الأم بالبشارة ، ولكنْ بشرطٍ واحدٍ ، وهو أن يتقدمَ للقبيلة بعد أن يوفر لها مَهرَها ويُجَهز بيتها حتى لا يرفضه القوم! فمكث على ذلك شهوراً يتلظى بحُبها ، ويحُولُ فقرُه دون الزواج منها! ثم أتى القبيلة يمنيٌ آخرُ لا يقلُ عن الأول في الأدب والخلق والدين! ولكنه زاد فرقاً واحداً ، وهو أنه غنيٌ ميسورُ الحال ، ويستطيعُ أن يُثقلها ذهباً إن أراد قومها ذلك! وإذنْ فهو جاهز للزواج بها من ليلته! فوَقعتِ الفتاة العاشقة في حَيرةٍ بين مُحب عاشق فقير وخاطب راغب ثري! وكلاهما على خلق ودين! فاختارتِ الثاني لتثري قومَها وتنتشلهم من الفقر والعوز مُضحية بحُبها للأول! فتخيلتُ الأول يبكي على أطلال حُبها فلقد خلفته بقايا جسد وخلفها بقايا روح! واخترتُ للأطلال اليمنية قصيدة الشاعر الفذ إبراهيم ناجي: (الأطلال) ببحرها وقوافيها ولم ألتزم عدد الأبيات لطولها!)
© 2024 - موقع الشعر