أَلَـم تَسـأَلِ الأَطـلالَ وَالمُتَرَبَّـعـا - عمر بن أبي ربيعة

أَلَم تَسأَلِ الأَطلالَ وَالمُتَرَبَّعا
بِبَطنِ حُلَيّاتٍ دَوارِسَ بَلقَعا

إِلى الشَريِ مِن وادي المُغَمَّسِ بُدِّلَت
مَعالِمُهُ وَبلاً وَنَكباءَ زَعزَعا

فَيَبخَلنَ أَو يُخبِرنَ بِالعِلمِ بَعدَما
نَكَأنَ فُؤاداً كانَ قِدماً مُفَجَّعا

بِهِندٍ وَأَترابٍ لِهِندٍ إِذِ الهَوى
جَميعٌ وَإِذ لَم نَخشَ أَن يَتَصَدَّعا

وَإِذ نَحنُ مِثلُ الماءِ كانَ مِزاجُهُ
كَما صَفَّقَ الساقي الرَحيقَ المُشَعشَعا

وَإِذ لا نُطيعُ العاذِلينَ وَلا نَرى
لِواشٍ لَدَينا يَطلُبُ الصَرمَ مَطمَعا

تُنوعِتنَ حَتّى عاوَدَ القَلبَ سُقمُهُ
وَحَتّى تَذَكَّرتُ الحَديثَ المُوَدَّعا

فَقُلتُ لِمُطريهِنَّ وَيحَكَ إِنَّما
ضَرَرتَ فَهَل تَسطيعُ نَفعاً فَتَنفَعا

وَأَشرَيتَ فَاِستَشرى وَإِن كانَ قَد صَحا
فُؤادٌ بِأَمثالِ المَها كانَ موزَعا

وَهَيَّجتَ قَلباً كانَ قَد وَدَّعَ الصِبا
وَأَشياعَهُ فَاِشفَع عَسى أَن تُشَفَّعا

لَئِن كانَ ما حَدَّثتَ حَقّاً فَما أَرى
كَمِثلِ الأُلى أَطرَيتَ في الناسِ أَربَعا

فَقالَ تَعالَ اِنظُر فَقُلتُ وَكَيفَ بي
أَخافُ مَقاماً أَن يَشيعَ فَيَشنُعا

فَقالَ اِكتَفِل ثُمَّ اِلتَثِم وَأتِ باغِياً
فَسَلِّم وَلا تُكثِر بِأَن تَتَوَرَّعا

فَإِنّي سَأُخفي العَينَ عَنكَ فَلا تُرى
مَخافَةَ أَن يَفشو الحَديثُ فَيُسمَعا

فَأَقبَلتُ أَهوى مِثلَما قالَ صاحِبي
لِمَوعِدِهِ أَزجي قَعوداً مُوَقَّعا

فَلَمّا تَواقَفنا وَسَلَّمتُ أَشرَقَت
وُجوهٌ زَهاها الحُسنُ أَن تَتَقَنَّعا

تَبالَهنَ بِالعِرفانِ لَمّا رَأَينَني
وَقُلنَ اِمرُؤٌ باغٍ أَكَلَّ وَأَوضَعا

وَقَرَّبنَ أَسبابَ الهَوى لِمُتَيَّمٍ
يَقيسُ ذِراعاً كُلَّما قِسنَ إِصبَعا

فَلَمّا تَنازَعنا الأَحاديثَ قُلنَ لي
أَخِفتَ عَلَينا أَن نُغَرَّ وَنُخدَعا

فَبِالأَمسِ أَرسَلنا بِذَلِكَ خالِداً
إِلَيكَ وَبَيَّنّا لَهُ الشَأنَ أَجمَعا

فَما جِئتَنا إِلّا عَلى وَفقِ مَوعِدٍ
عَلى مَلَإٍ مِنّا خَرَجنا لَهُ مَعا

رَأَينا خَلاءً مِن عُيونٍ وَمَجلِساً
دَميثَ الرُبى سَهلَ المَحَلَّةِ مُمرِعا

وَقُلنا كَريمٌ نالَ وَصلَ كَرائِمٍ
فَحَقَّ لَهُ في اليَومِ أَن يَتَمَتَّعا

© 2024 - موقع الشعر