مال الرصيف - محفوظ فرج

يا فتنةً في الفؤادِ تعتَمِلُ
رِقِّي عليَّ فلستُ أحْتَمَلُ

كمْ قلتِ لي أنْ كيفَ يُبعدُنا
عواذلٌ بالفراقِ قد شُغِلوا

عهدُ الوفا بالشوق منعقدٌ
فكيفَ روحي عنهُ تنفصلُ

هلّا ذكرتِ فيءَ نخلتِنا
تحتَ ذراها أورقَ الأملُ

صفوُ الحياةِ في محَبَّتِنا
فيهِ لنا طابتْ بهِ السبلُ

مُذْ أشرقتْ حسناً مَحلَّتُنا
على خطاها ظلَّ يكتملُ

سمراءُ تَبتَز ُّ لَواحِظُها
مُتيَّماً بالعيونِ ينخذلُ

المسكُ يسري خلفَها جَذِلاً
لكنْ (ببابِ السورِِ ) ينذهلُ

بنسيمهِ يَلتفُّ مُنعطفاً
حولَ العباءةِ (والهوى عللُ)

إنْ عبرتْ من أمامِ شارعِنا
مالَ الرصيفُ كأنَّه ثَمِلُ

ما إنْ تراها وهيَ قادمةٌ
فعفافُها وحياؤُها مَثَلُ

أصبحتُ من يصبو لمبسمِها
واجتاحَ قلبي الحبُّ والغزلُ

حبٌّ لأحلامٍ تباغتُني
أعماقُها تنأى وترتحلُ

نهرٌ نميرُ الماءِ شاطئهُ
في (السدِّ) مختنقٌ ومنشغلُ

يجري وأهفو نحوَ سَوْرتِهِ
وموجهُ المتناهي إذ يصلُ

يَحتَلُّ قلبي مثلَ نورسةٍ
رذاذهُ في الوجهِ ينهملُ

كأنّني والحصى يلامسُني
مُتيَّمٌ بالجمالِ ينفعلُ

بحثُ الخلودِ هناكَ أوقفَني
وارتحتُ عندَ( سيدوري)(٣) أمتثلُ

عُلّلْتُ من كأسٍ بحانتِها
حتى رمتني والهوى شَمِلُ

قلتُ دعيني أجوبُ ساحلَه
منذُ الصبا أنا فيه أنتقلُ

إنْ لم يكنْ في الرملِ لي أثرٌ
ذاكَ لانّي الماءُ يَغتسِلُ

عمري ودجلة لنْ أفارقَها
حتى يحينَ بعالمي الأجلُ

إنْ شاغلتْ نوراً مفاتنُها
يبقى دمي بشذاكِ يحتفلُ

د. محفوظ فرج
© 2024 - موقع الشعر