أخيّتي قد علانا الذلُ فانعينا - نوري الوائلي

أخيّتي قد علانا الذلُ فانعينا
وسائلي الدهرَ عن عزّ يجافينا
وجلجلي الفجر فوق الدور سائلة
أين اللذين أجابوا الحق هادينا
أين الذين إذا ساروا لواقعةٍ
تهتزّ منهم عروشُ الشرك جاثينا
أين الذين علت أقدامهم قمماً
وجاوزوا بالهدى هنداً وحمرينا
وناشدوا الطير لو يقفو بيارقهم
وطاولوا في الوغى حصناً وتحصينا
قد جاوب الدهرُ والأسماعُ خاشعة
لم يبق منهم سليلٌ في بوادينا
لم يبق منهم سليلُ زان عزّته
وينشدُ الدين أخلاقا وتمكينا
إن تنظرِ الحال يبكيك الأسى ألما
ويُعْصر القلبُ مكبوتا ومحزونا
لا دين فينا ولا عزّ ا يمجّدنا
والسيفُ يزهو على الجدران مكنونا
لقد رثيت شهيدا مات محتدماً
واليوم حزنا لهول الذل فارثينا
الدين بعنا ونصبو للعدى مددا
والذّل فينا من الإذعان يضنينا
يا صرخة الشعر ما عادت لنا قيم
أو بات فينا كريمُ الخلق عالينا
جلّ الشباب يعيفُ الدين مبتذلا
ويتبع الكفر والإشراك مفتونا
ويُحسن الجرْي للطاغوت معتنقا
نهج الضلال ويعلو الخبثَ تلقينا
في الكفّ نحمل قرآنا ونهجره
ونسأل الشرك دستورا لينجينا
ونترك الدينَ لم نعبأ لوازعة
ونترك الله للمخلوق يهدينا
بالاسم نحمل إسلاما نورّثه
ما قيمة الدين يعلونا عناوينا
الدين فينا هويّاتٌ ملطّخة
بكلّ سوءٍ وطال الفسقُ قاضينا
نُحمّل الدين عند الفرّ خيبتنا
والعجرُ فينا ومن أفعال أيدينا
قد قلّ فينا شيوخ جلّ علمهم
وقام فينا دعاةُ الجهل يفتونا
فنحصرُ الدين من جهل بطائفة
ونفقه الدينَ تضليلا وتخمينا
وأصبح الدين عارا حين نذكره
ويوجب الردع عبد قال آمينا
تُلقى علينا نفايات مزركشة
والفسْقُ يحسبها حسنا وتحسينا
الدينُ لله والأوطان حصّتنا
لا حكم لله حكم الناس يحيينا
الدين قالوا كأفيون يخدّرنا
والناس يُبقي بحلم الروض غافينا
فيه التخلّف لا يبقي بنا همما
نحو التقدّم لا يحوي العلا دينا
تلك الشعارات كالساعي على عطش
لعين ماء فيلقى النبع غسلينا
رجعيّةٌ إنْ جعلنا الدين منهجنا
أو كان يحكمنا شرعٌ ويبنينا؟
رجعيّة إن حفظنا العرض من نَجَسٍ
وللحجاب نصحنا البنت حامينا؟
رجعيّة إن نهينا الخَلْق عن سفه
ونأمر الناس بالمعروف ساعينا؟
تقدّمٌ إن رضينا الشرق مذهبنا
أو نقتفي الغرب عميانا وحانينا؟
وتكشفُ البنتُ للأغراب مخدعها
ويصبحُ الأبن بالأفيون مجنونا؟
ونشربُ الخمر لا نفتي بعاقلة
و سادنا بالربا من بات قارونا؟
قيد المذلّة قد أعيا عزائمنا
والإثم في النفس هونٌ بات يردينا
إن نترك الرجس ما تبقى بنا ضعة
أو بات فينا ذليل هاب فرعونا
كالفرد كنّا بقلب دام منتفضا
فوق الخنوع ويعلو الكون آمينا
كنّا الدعاة وفكر الدين سابقنا
وكانت الناس ترجونا وترضينا
واليومُ نحن مجاميعٌ مشرذمة
فيها التفرقُ يذرينا ويزرينا
فيها الولاءات للأحزاب تحكمنا
والطائفية دون الدين تغنينا
فما شكرنا السما والخير يغمرنا
وما نصبنا العزا والموت حاوينا
ما بات فينا كتاب الله محتكما
أو بات فينا رسول الله هادينا
لا يعتلي الشركُ والإلحادُ أمّتنا
لا يقبل العقلُ بالإسلام تأبينا
الدين شرع ودستور ومدرسة
في كلّ عصر يراه العصر زيتونا
يلائم الآن والآتي بمنهجه
ويجعل العدل إحقاقًا وقانونا
إنْ نحفظ الدين نَعلُ العزّ منزلة
فالدينُ عزّ لنا يُعلي نواصينا
© 2024 - موقع الشعر