اليوم المطير و بعير الفقير - عبد العزيز شداد

طَلَعْت للديرة صباح السبت باليوم المطير
و البَرْد يجْلِد في عصاه من الغضب بالمركبة

ياليتني رديتها للبيت عن هالزمْهَرِير
اللي معه صوت الرعود من المزون المرعبة

واصلت مع دربي وأنا والله راجي كل خير
وأمشي وأنا متخيّل ألوان الفياض المعشبة

لكنّ صادفني وأنا ماشي على دربي بعير
الجوع في بطنه عَوَىٰ و البَرْد قاعد يلهبه

يَرغِي وهو بارِك ودمعه فوق خَده له خرير
يبكي مثل عَوْدٍ على ابنه قام دمعه يسكبه

الله يعينِك يا بعارين الضعَيِّف و الفقير
يشبه بعارينه ، و سوء الحال هو وجه الشبَه

أعلافها طارت و قَلّ الكسب عن كيس الشعير
ما عاد يقدر للعلف ولا وقود المركبة

روّحت أدوّر له لحاف ، و جئت بلحافٍ وثير
لكن لقيته مات و الراعي بحبله يسحبه

ظهر لي من السالفة إن الجمل هذا الأخير
آخر بعير يموت له من طول وقت المسغبة

حقيقة إنه ضاق صدري ثم حاولت أستدير
ما ودي أقابل كريمٍ عند شَبْكِه و أَنْشِبه

ناداني: اقلط يا ولد و أرحِب ترى الدنيا بخير
مات الحلال ولا بقىٰ شيءٍ لمثلي يتعِبه

نزلت و أدخلني بخيمة بالية فيها سرير
و أوجار نار يفُوْحِن ادلاله على جمر احْطِبِه

جلس على خَيْشَة، وقال: أجلِس على هذا الحصير
سولف وما يُقسَم لنا مافيه واحد يسلبه

و سحب طبق تحت السرير بداخله تمر و مضير
قال : الله يحييك شاركنا الفطور ، و قَرّبِه

و حنا انتقهوى و المطر يضرِب دَخَل طفلٍ صغير
بنطاله أسود مهتري مشقوق من تحت ارْكبِه

يقول: جانا السيل و الوادي يا أبويه له هدير
أخذ معه عزبة و شَبْك عيال عمي يا يبَه

قال: إيه عارف يا ولدي ما عندهم شيءٍ خطير
خَلّه يشيل عفوشهم و اللي بقىٰ الله يذهِبه

أقعد هنيا يا ولدي خَلّه يصير اللي يصير
وأخفىٰ معاناة الوجع في مسح دقنه و اشْنبِه

قلت: أي خدمة؟ - بعد ما أستاذنت - يالرجل الكبير
قال: إيه أمانة كل ماشافت عيونك تكتبه

عبد العزيز بن شداد الحربي
© 2024 - موقع الشعر