كلُّ عامٍ وأنتَ الضميرْ!! - محمد عبد الحفيظ القصّاب

قصيدة نثر
------------
كلُّ عامٍ وأنتَ الضميرْ!!
----------------------
وأنتَ بخيرْ!! لمنْ؟
 
 
 
أقتربُ من عجوزٍ في الواحدةِ والعشرينْ
 
أهديها ملاءةَ الصبايا على لونِ الكآبةْ
 
تغمزُ بيدٍ من خجلِ السنينْ
 
تقطفُ القمرَ وتخفيهِ معَ غرابِها
 
ثمّ تسلخُ ريشةً وتدسُّها
 
في شعري .. دونَ علمي
----
 
 
وأنتَ بخيرْ..
 
أحتكُّ بالشيخِ في رمشهِ الأبيضْ
 
في حدقةٍ مشققةٍ أتعبتْها مشاهدُ الوخزْ
 
وترهَّلتْ ذاكرةُ العيدِ عندَ الفمْ
 
فنهضَ في ساقي لأُهديهِ فخذَ الصنوبرْ
 
هَمْهَمَ في أُذني وذهبْ..
 
دونَ علمي...
 
وجدتُ جانبَ رأسي...
 
في ظلِّ الحجارةِ السوداءِ بلا شحمتهْ
 
كانتْ بعضًا منهُ
 
أخذَها ولم يُعطني غيرَ الألمْ.
---
 
 
وأنتِ بخيرْ...
 
أحبو لطفلةٍ تلعبُ بكبريتِ الفقرْ
 
رأتْني شطْرَ وجهٍ بينَ الظلِّ واحتراقِ العودْ
 
فأهْدتْني قبلَ انطفائهِ..
 
نسيمَ النارِ في أنفي..
 
 
وأهديْتُها ورقةَ التوتِ تسترُ عورةَ البردْ
 
ودونَ علمي..
 
وجدتني أبتلعُ علبةَ كبريتٍ مشتعلةْ
 
وأهضمُ بعضًا من شَعْرِ ذلكَ القَصَبْ
 
وتحتَ لساني سُكَّرةٌ وضعْتُها في فمِ طفلةٍ
 
فارقتْ روحَها تحتَ امتصاصي للنحيبِ واللهبْ
--
 
 
وأنتِ بخيرْ..
 
أهرولُ إليها ,, فتاتي
 
وجدتُ أنّي أقتربُ على أكثر من جهةْ
 
ساقٌ تقفزْ
 
وأذنٌ صماءْ
 
وأنفٌ عديمُ النفعِ
 
وشعرٌ بِريشةٍ تنغمسُ في ذاكرتي
 
وفمٌ من حرفينِ على شفتينِ مضمومتينْ
 
وعينٌ بلا حدقةٍ غادرتْ محجرَ الإهداءْ
 
ليس معي غيرُ ذراعينِ وقلبْ
 
وبعضِ دفءٍ من هضمِ نارِ الوصولْ
 
كلُّ عامٍ وأنتِ بلا اقترابٍ واحتكاكٍ وحبو
 
كلُّ عامٍ وأنتِ مدينةٌ صباحيةٌ وأنا القبو
 
 
 
 
كلُّ عامٍ وأنتَ الضميرْ!
-----------------------------
محمد عبد الحفيظ القصاب
حمص -سوريا
25-12-2005 م
© 2024 - موقع الشعر