مضيء صباحك - محفوظ فرج

مضيءٌ صباحُك
——————
مضيءٌ صباحُك قالتْ
وكان ظلامٌ يلفُّ دواخلَ نفسي
فَحلَّ البهاءُ
على نطقِها
عراقيةٌ أُشْرِبَتْ روحُها بالبراءةِ
واحتلَّ انحاءَها الحسنُ صَفْواً
كماءِ الفراتينِ حيثُ النقاء
بِبسْمتِها يَستَجِدُّ بروحي الصِّبا
وللعِللِ الراسياتِ شفاء
نخلةٌ طاولتْ
في تثاقلِ أعذاقِها
ما تمادى اشتياقي إليها
وما اشتدَّ بي هاتفٌ للقاء
هي بَرْحِيّةٌ في حلاوتِها
عسليةُ عينينِ
تحكي بعمقيهما
عِبَر الأولين
وما حلَّ فينا
بحاضرِنا من شقاء
هي أمٌّ وسحنتُها
في ملامِحِها حزنُ أهلي
من اوطانِهم مُبعدين
حينَ تُسمِعُها لغةَ الحبِّ
توقِظُ عَرْفُ القرنفلِ من بين أردانِها
خَجَلاً تَتَردّدُ
إذ يَتَورَّدُ خدَّينِ جوريتينِ
تغضُّ بِطَرفِكَ عنها
لما عندها من إباءٍ
تَروَّتْ حروفي على وَقْعِ لَفظٍ لها
تَتَفتَّحُ لي صورٌ مثلما يَتفَتَّحُ
قِدّاحُ نارنجِنا باسماً
يشْتَهي قُبَلَ النحْلِ حينَ يعانِقُهُ
فكذلكَ تَجْني حروفيَ تشبيهَهَا
واستعاراتِها مِنْ تفاصيلِ سِحرِ مفاتِنِها
فإمّا التفتُّ إلى القدِّ
وهي تغذُّ الخُطى
نحو معهَدِها
تَسلَّقتِ الأحرفُ الوالهاتُ
مُعَلَّقَةً بتلابيبِ أثوابِها
فتثْمَلُ بالغور ما بين طياتها
تترنَّحُ مُستسلماتٍ لطيبِ العبير الذكي
إذا ما ترامَتْ على مُنْحنى صدرِها
وإمّا نظرتُ إليها احتمت ما وراءَ
الليالي من شعرِها
ثم لاذتْ على الكتفِ
البضِّ غاطسةً تَستَحِمُّ بأندائِه الحالمة
عراقيةُ أشربتْ بالوفاءِ
تتطلعُ أن تتفانى
بها ولها
رحلتي في محاسنِها لا نهايةَ توقِفُها
هيَ فيضُ حنينٍ تجدّدُهُ الراسخاتُ
من الشوقِ نحو الديار
نحو بوحٍ شجيِّ
مكامِنُه تَتَوطَّنُ أوردتي
وبنبضي
لها في كياني مَدار
 
د. محفوظ فرج
© 2024 - موقع الشعر