أرض طيبة - محفوظ فرج

أرض طيبة
—————-

كلَّما الحزنُ قد تواصلَ يختا
لُ بأنحاءِ خاطري ويصولُ

من حنينٍ ومن تباعدِ أحبا
بٍ على هجرهمْ تعزُّ الحلولُ

وتنائي قيثارةٍ بعدَ وصلٍ
شَفَّني منه لفظُها المعسولُ

وجمالُ في الوجهِ. سبحانَ رَبّي
من رآهُ قد اعتراهُ الذهولُ

كلُّ هذا قد كانَ مبعثُ حزنِ
وامتعاضٍ أبداهُ قلبٌ ملولُ

ذاكَ أنّي لمّا تضيقُ دروبي
ليسَ لي ملجأٌ بها مأمولُ

غيرَ أنْ أدعوَ الخيالَ لأرضِ
في ثراها الهناءُ فيها الرسولُ

(طيبةٌ) تشرحُ الصدورَ إذا لا
مسَ طرفي هواءَها المعلولُ

ونسيتُ الدنيا بكلِّ جناها
وكأنّي عن الورى معزولُ

أتخطّى حيالَ مسجدِ طه
في نشاطٍ وما دهاني خمولُ

وأراني في عالمٍ مُتَجَلٍّ
وعن الوصفِ حِرْتُ ماذا أقولُ

أأنا طائرٌ يحومُ على القُبْ
بةِ عنهُ تجاوزَ المعقولُ

خضرةٌ في العلى وتحتيَ أيضاً
وأنا في بهائها مشغولُ

فإذا بي نشوانُ أنظرُ في النو
رِ كمنْ لاعبتْ نُهاهُ شمولُ

من أمامي بابُ السلامِ بهيٌّ
جذبتْنِي إليهِ منهُ أصولُ

لستُ أدري ما إنْ أمرُّ أمامَ ال
مصطفى الدمعُ في حماهُ سيولُ

وببابِ البقيعِ أنوي رجوعاً
ورجوعي لا يعتريهِ فضولُ

يا هنائي ويا ربيعَ جناني
فأنا لي عندَ الحبيبِ مثولُ

وكأنّي عند الصلاةِ بوسطِ ال
روضِ طيرٌ ملائكيٌّ خجولُ

حطَّ جنحيهِ والاماني لديهِ
عن مكانٍ هوى بهِ لا يحولُ

هو عمرٌ ما أجملَ العمرَ أن أبْ
قى جوارَ النبيِّ لستُ أزولُ

ها هنا أحمدُ المحامدِ والشا
فعُ عن كلِّ مسلمٍ مسؤولُ

في حماهُ يومَ الحسابِ جميعاً
ربِّ منك الغفرانُ منك القبولُ

صلِّ ربي عليهِ ما رفَّ جنحٌ
وتغنّى في الروضِ طيرٌ يجولُ

د. محفوظ فرج
© 2024 - موقع الشعر